لأمرٍ لا يتعلق مباشرة بإمام الحرمين، فابن الصلاح يتحدث في مشكل الوسيط للغزالي، وابن حجر يتحدث في تخريج أحاديث الرافعي في الشرح الكبير، فكان كل منهما يترك صاحبَ كتابه ويصعد إلى إمام الحرمين، حقا إن الغزالي تلميذ إمام الحرمين تلقى منه مباشرة، والرافعي وإن كان بينه وبين إمام الحرمين ثلاثة شيوخ في ثلاث طبقات في تفقهه، فهو أيضاً تلميذ إمام الحرمين، ولكن هل هذا كافٍ في أن يصعد كل من ابن الصلاح وابن حجر إلى إمام الحرمين بنقده العنيف وتخطئته دون إشارة إلى صاحب كتابه الذي يعلّق أصلا عليه؟؟
أليس هذا تحاملاً واضحاً!!
...
أحقاً أخطأ إمام الحرمين؟؟
بعد هذه الملاحظات ننظر، فنجد الحق في جانب إمام الحرمين، فهذه الألفاظ التي أوردها إمام الحرمين جاءت في أحاديث صحيحة، صححها ابن حجر نفسه، وأما من حيث الرواية عن حذيفة رضي الله عنه، فقد صحت بمعناها عنه، ثم للفقهاء طريقتهم في إيراد الحديث بالمعنى مع الاقتصار على موضع الاستدلال، درجوا على ذلك، ليس عن عجز وقلة معرفة بالحديث، بل رعايةً للاختصار، وتوضيحا للحكم، والتفاتاً إليه، أو بتعبيرٍ آخر، بُعداً عن الحشر والتطويل، وآية ذلك أن المحدثين الفقهاء لم يخرجوا في مؤلفاتهم الفقهية عن هذا المنهج، ومثالهم الواضح الإمام الطحاوي، المحدث الجليل، فمع جلالته في علم الحديث رواية ودراية، تراه في مؤلفاته الفقهية يجتزىء من الحديث بموضع الاستدلال فقط، وغالبا ما يكون بالمعنى، ليدخله في صياغة العبارة وسياقها، بدون قلق أو اضطراب، ومن يتأمل كتابه (مختصر الطحاوي)، في الفقه يجد ما نقوله واضحاً جلياً.
ثم بعد ذلك نقول:
* روى الحاكم في المستدرك عن حذيفة رضي الله عنه قال: قيل يا أبا عبد الله ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: آمرك أن تنظر أقصى بيتٍ من دارك، فتلج فيه، فإن دُخل عليك، فتقول: ها بُؤْ بإثمي وإثمك، فتكون كابن آدم، قال الحاكم: