للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكلامٍ من غيرها، فقد استدل إمام الحرمين على جواز ذلك بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كلّم قتلةَ ابن أبي الحُقَيْق، أبي رافع اليهودي، حينما وافَوْه يوم الجمعة وهو على المنبر، في القصة المعروفة ...

" جاء في النهاية: ... كلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبي الحُقَيْق، ووقع كذلك في بعض نسخ الوسيط.

فانظر ماذا قال ابن الصلاح في مشكل الوسيط؟ قال: " قوله: وسأل ابنَ أبي الحقيق عن كيفية القتل بعد قفولهم من الجهاد " هكذا وقع في البسيط، وهو من السهو الفاحش، وقد غُيّر في بعض النسخ إلى صوابه، وصوابه ما قاله الإمام الشافعي: " وسأل الذين قتلوا ابنَ أبي الحقيق " ا. هـ بنصه من مشكل الوسيط (١/ورقة ١٤٢ - أ، ب).

أما ابن حجر فقد عقد في التلخيص تنبيهاً قال فيه: أورده إمام الحرمين والغزالي بلفظٍ عجيب: قال: " سأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنَ أبي الحقيق عن كيفية القتل " وهو غلط فاحش، وأعجبُ منه أن إمام الحرمين قال: صح ذلك. ا. هـ كلام ابن حجر.

هكذا وصف بفحش الغلط، وعجبٌ من قول الإمام صح ذلك!! ثم استدرك الحافظ على نفسه، فاستأنف كلامه قائلاً: " ويجوز أن يكون سقط من النسخة لفظ (قتلة) قبل ابن أبي الحُقيق. " ا. هـ بنصه.

قلت: ألا يشهد ذلك بالتحامل ومحاولة تلمس الخطأ للإمام!! فهل يجوز في عقل عاقل أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم (المقتولَ)؟ وكيف يرد هذا بخاطرٍ؟ كيف يُسال المقتول عن كيفية القتل؟

إن الأمر أقرب وأيسر، وهو كما قال الحافظ نفسه: سقط لفظ (قَتَلة) قبل ابن أبي الحقيق. هكذا أدرك الحافظ الصواب، ولكن بعد أن قسا في قوله، وأغلظ في لفظه، فنسب الإمام إلى فُحش الخطأ، وعجب من قوله: صحّ أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل ابن أبي الحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>