هذا غلط تسلسل وتوارد عليه أبو بكر الصيدلاني، ثم إمام الحرمين، ثم تلميذه صاحبنا (يعني الغزالي) ثم تلميذه محمد بن يحيى، فلا خلاف بين أهل الحديث، وأهل المعرفة بالصحابة، وبالأنساب أن أم سليم أم أنس بن مالك، لا جدته، وفي الصحيحين الإفصاح بذلك " ثم استمر يعلل هذا الخطأ من هؤلاء الأئمة، ويفسره، ويبين سببه، فقال: "ولكن من أعرض عن علم الحديث، مع ارتباط العلوم به، وقع في أمثال هذا، وما هو أصعب منه من التمسك بالحديث الضعيف، واطراح الصحيح، وإن ارتفعت في علمه منزلته، وأسأل الله عفوه وفضله، آمين" ا. هـ بنصه (مشكل الوسيط ١/ ٥٠ ب - بهامش الوسيط: ١/ ٣٤٢).
أما الإمام النووي رضي الله عنه، فقد قال: " قوله (لما روي أن أم سليم جدة أنس بن مالك ... إلى آخره) صوابه: أم أنس، فهي أمه بلا خلاف بين العلماء من الطوائف، لا جدته، وقد قال بأنه جدته أيضاً الصيدلاني، ثم إمام الحرمين، ثم الروياني، ثم محمد بن يحيى صاحب الغزالي، وهو غلط فاحش .... وأم سليم: سهلة، وقيل: رميثة، وقيل غير ذلك، ا. هـ بنصه (ر. التنقيح في شرح الوسيط بهامش الوسيط: ١/ ٣٤٣).
وأما ابن أبي الدم، فقد قال:" ... الصواب أن أم سليم أم أنس بن مالك، لا جدته، وهي امرأة أبي طلحة، ذكره علماء الحديث وغيرهم، منهم أبو داود في سننه، وهو كذلك في النسخ الصحيحة من (النهاية)، وقد يوجد في بعض منها مثل ما في (الوسيط) وهو غلطٌ من النساخ"(ر. إيضاح الأغاليط الموجودة بالوسيط: ٣ أ- بهامش الوسيط: ١/ ٣٤٢).
قلت (عبد العظيم): هكذا رأينا اختلاف المناهج الثلاثة في تفسير هذا الخطأ:
أ- فابن الصلاح يفسر ذلك بالإعراض عن علم الحديث، ويجعله سبب الوقوع في هذا الخطأ، ثم راح يعرض بأخطاء "أصعب من ذلك الخطأ، من التمسك بالحديث الضعيف: واطراح الصحيح" ويعني هؤلاء الأئمة " الذين ارتفعت منزلتهم في علومهم " الصيدلاني، وإمام الحرمين، والغزالي، ومحمد بن يحيى.