للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا عرفنا أن أبا هاشم هذا من أئمة الاعتزال، وأن إمام الحرمين لقي الأذى من المعتزلة، وأُخرج وأوذي مع نحو أربعمائة من أهل السنة، اضطروا للهجرة من خراسان بسبب تسلط هؤلاء عليهم، فيما هو معروف بمحنة أهل السنة. إذا عرفنا ذلك، أدركنا أيَّ درجة من الإنصاف كان عليها إمامنا.

ومن ذلك ما قاله عند المخاوضة في بعض مسائل الحج من كتابه (نهاية المطلب)، وقد رئي لأحد رفعاء المذهب كلاماً لا يستقيم على أصول المذهب، نجده يشير إليه، ولا ينقله في كتابه، بل يقول: " .. لا معنى لذكره وقد يحمل ما في الكلام من الخبط على خلل النسخة ".

فهذا منهج الإمام يرى الخطأ ماثلاً أمامه، ولكنه لا ينسبه إلى صاحب الكتاب فِعْلَ المتشهي إلى التخطئة، بل يدعو إلى حمل الخطأ على الناسخ، أو الناقل، وهذا قاله صراحة في كتابه (البرهان): " فالأولى أن يُوَّرك بالخطأ على النقلة ".

هكذا!! لا أن يرى خطأ الناسخ واضحاً، فيحمله على إمامنا، " ويجعله من فاحش الخطأ "، و"يعجب من قول إمام الحرمين: صح هذا"!! وكيف يصح في عقل عاقل أن يُصحح إمامُ الحرمين تكليم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقتول؟!!

...

* ونموذج آخر: كان المثال الذي قدمناه مع ابن الصلاح، وابن حجر، أما هذا النموذج، فمع ابن الصلاح، والنووي، فقد وقع في (الوسيط) وفي بعض نسخ (نهاية المطلب): " لما روي أن أم سليم جدة أنس بن مالك ... " والصواب أن أم سليم هي أم أنس لا جدته، وقد علق على هذا الخطأ ثلاثة من الأئمة الذين لهم مؤلفات عن (الوسيط)، وهم الإمام ابن الصلاح، والإمام النووي، والإمام بن أبي الدم، وقد رأينا أن نعرض تعليقاتهم بنصها لما يأتي:

أ- أنها انتقلت من (الوسيط) إلى تعقب (النهاية) وصاحبها.

ب- أنها تكشف عن مناهج ثلاثة في تفسير هذا الخطأ وتعليله.

ولنبدأ بابن الصلاح، قال: "قوله: (لما روي أن أم سليم جدة أنس بن مالك).

<<  <  ج: ص:  >  >>