ولا وثيقة من غير ثقة، ولا ثقة مع إمكان الرجوع، ورب عارية تُفضي إلى اللزوم؛ فإن من استعار بقعةً ليدفن فيها ميتاً، فدفن، لم يجز نبشه، إلى غير ذلك من نظائرَ ستأتي إن شاء الله تعالى.
وقطع صاحب التقريب والشيخ أبو محمد، والأثبات من أصحاب القفال أن الرهن لا ينتهي إلى اللزوم على قول العارية؛ والمعير متى شاء رجع، واستردّ، وإن اتصل الرهن بالقبض.
وذكر صاحب التقريب وجهين في صورةٍ: وهي أنه لو كان الدين مؤجلاً، قال: يجوز له أن يرجع بعد حلول الأجل. وهل له أن يرجع قبل حلول الأجل؟ فيه وجهان: أحدهما - يجوز، كما لو كان حالاً، [إذ](١) لم تلزم العارية.
والثاني - يجوز؛ لأنه أقَّت إذنه، ورُبط به شيء فصار كما لو أعار للغراس إلى مدة.
هذا بيان اختلاف الطرق على قول العارية.
٣٦٧٧ - فأما إذا فرّعنا على قول الضمان، فإذا اتصل الرهنُ بالقبض، لزم على هذا القول؛ ولم يملك المعير الانفراد بالرجوع. وهذا على هذا القول متفق عليه بين الأصحاب.
ولو أراد المعير الرجوعَ بعد الرهن، وقبل القبض، مَلَك. فإن قيل: لم كان كذلك؟ وهلا ثبت الضمان لازماً في حق المعير بنفس عقد الرهن؟ قلنا: لا شك أن المستعير يتخير قبل الإقباض في فسخ الرهن، فإذا لم يلزم الرهن في حقه، وعليه الدين، فكيف يلزم في حق المعير. والتحقيق فيه أن الرهن إذا تم، حل محلَّ الضمان، ولا يتم إلا إذا اتصل بقبضٍ.
والذي يُظهر سرَّ هذا الفصل في هذا المقام أن الذين صاروا إلى أن الرهن لا ينتهي إلى اللزوم على قول العارية ما نراهم يُثبتون من الرهن إلا اسماً ولقباً. وعندي أن مذهبهم موافقٌ لما حكاه العراقيون عن ابن سريج؛ فإن الرهن إذا كان لا يلزم،