للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سواء قلنا: إنه عارية، أو ضمان وليؤدِّ الدين من ماله. ولا شك أن هذا في حالة يساره. وإن كان الدين مؤجلاً، قال: خرج الإجبار على الفك على القولين: فإن قلنا: الرهن عارية، ملك إجبارَ المستعير على الفك، فأثر العاريةِ عند القاضي يظهر في الدين المؤجل، وكأنه جعل الإجبار على الفك من آثار العواري.

وإن قلنا: الرهن ضمان، فلا يملك إجبارَ المستعير على الفك، كما لو ضمن ديناً مؤجلاً؛ فإنه لم يملك إجبارَ الأصيل المضمون عنه على تبرئة ذمته بأداء ما عليه من الدين.

ولو كان الدين حالاًّ، فقد نقول: يملك الضامن بإذن المضمون له إجبارَ المضمون عنه على أداء ما عليه حتى يبرأ الضامن.

فإن قيل: أليس ذلك مختلَفاً فيه؟ قلنا: نعم اختلف الأصحاب في أن من ضمن ديناً بإذن من عليه الدين، فهل يملك إجبارَه على أداء ما عليه؟ فإن يل: هلَاّ خرجتم الرهن في قول الضمان على هذا الخلاف، حتى تحكموا بأن إجبارَ المستعير على فك الرهن والدين يخرج على وجهين؟ قلنا: بين المسألتين فرق؛ وذلك أن الضامن قبل أن يغرَم ليس عليه بأس إلا تعلق الدين بذمته، وليس كذلك ما نحن فيه؛ فإن العبد المستعار مشتغل بوثيقة الرهن، فكان هذا شبيهاً بأداء (١) الضامن ما ضمنه، ولو أداه يرجع به على المضمون عنه إذا كان الضمان مأذوناً فيه، وهذا مضمومٌ (٢) إلى العلم بأن الرهن ليس ضماناًً محضاً، وهو مشوب نقصاً بالعارية (٣ وكأن حقيقة الخلاف راجع إلى أن المغلّبَ حكم الضمان أو حكم العارية ٣) ومن طلب من المشوبات مقتضى التمحّض، لم يكن على بصيرة.

٣٦٨٠ - ومما نفرعه أن العبد المستعار المرهون لو مات في يد المرتهن، فحكم الضمان مفرّع على القولين: فإن أجرينا الرهن مجرى العارية، وجب ضمان القيمة على المستعير؛ فإن العارية مضمونة.


(١) في (ص): شبهاً بإذن الضامن، (ت ٢): سببها بإذن الضامن.
(٢) في (ص)، (ت ٢): مضمون.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).