للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا قلنا: سبيله سبيل الضمان، فلا ضمان. فإن قيل: هلا جعلتم تلف العبد على حكم المستعير، بمثابة تلف مالٍ في يد إنسانٍ قد أخذه ليصرفه إلى دينه؟ قلنا: ذلك اقتراض في الحقيقة، وما نحن فيه تعليق برقبة العبد، والأداء منه مرقوب، فإذا فرض التلف، فلا ضمان، قال القاضي: إذا ضَمَّنا المستعيرَ على قول العارية، فلا ضمان على المرتهن؛ فإنه ليس مستعيراً، وإنما المستعير هو الراهن، والمرتهن يمسكه رهناً، لا عارية. وهذا حسن منقاس.

وإذا فرع مفرع على قول ابن سريج، ففي تعليق الضمان بالمرتهن نفسِه تردّدٌ، والظاهر أن لا ضمان عليه.

٣٦٨١ - ومما نفرعه جنايةُ العبد المستعار، فإن حكمنا بأن الرهن ضمان، فلا يجب على المستعير ضمان أرش الجناية؛ فإن يد المستعير على هذا القول ليست يد ضمان، فما الظن على اليد المتفرعة على يده.

وإن قلنا: الرهن عارية، فيد المستعير يدُ ضمان، فهل يضمن أرشَ جناية العبد المستعار؟ فعلى وجهين مبنيّين على أن العارية تُضمن ضمان الغصوب أم لا؟ فإن قلنا: تضمن (١) ضمان الغصوب، فيضمَن أرشَ جناية العبد؛ قياساً على العبد المغصوب يجني في يد الغاصب. وإن قلنا: لا تضمن العاريةُ ضمان الغصوب، فلا يضمن المستعيرُ أرش الجناية، والأقيسُ الوجه الأول. وهذا موضع نص الشافعي في المسألة، فإنه قال: " لو أذن له، فرهنه، فجنى، فأشبه الأمرين أنه غيرُ ضامنٍ، وليس كالمستعير "، فالنص دليل على أن التفريع على قول الضمان. وفيه دليل على أن المستعير يضمن أرشَ جناية المستعار؛ فإنه قال: " وليس كالمستعير".

٣٦٨٢ - ومما يتفرع على القولين أن العبد إذا بيع في دين المستعير إما بإذنٍ مجرّد، أو (٢) بتصوير الاضطرار من المستعير فبماذا الرجوع؟ وكيف السبيل؟ لا شك أن


(١) في (ت ٢): إنها لا تضمن.
(٢) في (ص)، (ت ٢): وبتصوّر الاضطرار.