أعتق عبده، فنفوذ عتقه يخرّج على القولين، فإن قلنا: الرهن ضمان، فالعتق ينفذ، وإن قلنا: إنه عارية، فإعتاقه إياه بمثابة إعتاق الراهن المالك العبدَ المرهون، وفيه الأقوال المعروفة. وهذا خرّجه القاضي على طريقةٍ في الحكم بلزوم الرهن على قول العارية، ثم رأى الرهنَ على قول العارية رهناً محضاً في حق المرتهن لازماً، ورآه على قول الضمان غير متأكد في التعلق بالرقبة. ومعظم الأصحاب على مخالفته في ذلك؛ فإنهم ضعفوا الرهنَ وحكمَه على قول العارية، وألزموه وأكدوه على قول الضمان.
وما ذكره جارٍ على قياسه. ولكن في قطعه بنفوذ العتق على قولِ الضمان كلام.
والوجه عندنا تنزيلُ العبد على قول الضمان منزلة العبد الجاني الذي تعلق الأرش برقبته. وقد فصلنا القول في بيعه ورهنه.
٣٦٨٦ - ومما يتم به بيان الفصلِ أن القاضي سئل في التفريع على قول الضمان، وقيل له: لو قال: مالك العبد: ضمنت ما لفلان عليك في رقبة عبدي هذا، فكيف حكم هذا؟ فقال: إذا فرعنا على قول الضمان، تعلّق الدين برقبة العبد، وكان بمثابة الرهن المستعار، فإن شئنا قلنا: رهن العبد المستعار ضمانٌ في رقبته، أو قلنا: الضمان في رقبته رهنٌ.
وهذا الذي ذكره حسن بالغ على الجملة، ولكن فيه تفصيل، فإذا قال مالك العبد لمستعيره: ارهنه بدينك، فقد أنابه مناب نفسه في الضمان في رقبة عبده، فاجتمع رضا المالك، وإنشاءُ الرهن، وقبولُ المرتهن. وإذا قال المالك: ضمنت ما لفلان عليك في رقبة هذا العبد، ولم يُوجَد قبولٌ من المضمون له ففي هذا تردُّدٌ.
وظاهرُ كلام القاضي أن ذلك يكفي، تفريعاً على أنه لا يشترط في الضمان رضا المضمون له.
ويجوز أن يقال: ذلك في الضمان المطلق الذي يرد على الذم، فأما ما يتعلق بالأعيان، فلا بُدّ من تقريبه من الرهون، وشرط صحتها القبولُ من المرتهن.
ويجوز أن يقال: إنما يفتقر إلى القبول إذا جرى على صيغة الرهن، فأمّا إذا وقع الضّمان مصرّحاً به، فلا حاجة إلى ذلك. وقد تختلف الشرائط باختلاف الألفاظ، وإن اتحد المقصود؛ فإن المذهب أن الإبراء لا يفتقر إلى القبول. ولو قال مستحق