للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجدتَ: " قال الإمام "، أو " وهذا ما حكي عن الإمام " ونحو هذا، فاعلم أن (الإمام) هو إمام الحرمين.

ولا أدري كيف ساغ لشيخ الإسلام وهو من هو معرفةً بعلوم الأمة، ومنزلة الأئمة، كيف ساغ أن يقول هذا عن إمام الحرمين، وهو صاحب (البرهان في أصول الفقه) الذي لم يؤلف في الإسلام مثله؟ إن من يؤصل للفقه ويضع له قوانين الاجتهاد، وأصول الاستنباط، في (البرهان)، (والتلخيص) و (الورقات)، كيف يقال عنه: " غايته من مذهب الشافعي نقلٌ جمعه "؟!!

كيف؟ وكتابه (البرهان) أحد الأعمدة الأربعة التي قال عنها ابن خلدون: قام عليها علم أصول الفقه، بل هو أول كتاب لأهل السنة في الأصول بعد رسالة الشافعي.

وها هي نصوص إمام الحرمين دائرة في كتب الشافعية، لا تكاد تخلو منها صفحة واحدة من أي كتاب، أفمن كان بمثل هذه المنزلة يقال فيه: " اتفق أصحابه على أنه لا يجوز أن يتخذ إماماً في مسألة واحدة من مسائل الفروع "؟!!

لا أريد أن أسترسل في بيان منزلة إمام الحرمين في الفقه، فتوضيح الواضح من أشكل المشكلات، ولعل في الفصل الذي مرّ آنفاً عن منزلة النهاية غناء ومقنعٌ.

بالإضافة إلى كتابنا بعنوان:

(فقه إمام الحرمين-خصائصه-وأثره-ومنزلته).

أما كلام شيخ الإسلام عن أصحاب الوجوه في المذهب وأن إمام الحرمين ومثله الغزالي ومن نحا نحوهما ليسو من أصحاب الوجوه، فهذا أمر آخر لا نظن أنه يغيب عن شيخ الإسلام، فأصحاب الوجوه هم الذين فرعوا المسائل على نصوص الشافعي، واستنبطوا أحكامها على أصوله، ومعلوم لكل من له دراية بالفقه أن ذلك أمرٌ له نهاية، تلك طبيعة الأشياء، وقد كان في القرنين السابقين على إمام الحرمين فُسحة كافية لتشقيق المسائل وتفريعها، ولذلك لم يوجد مجال لاستنباط، وتفريع جديد، منذ انتهى القرن الرابع الهجري، أي كان الأئمة قد فرغوا من التفريع والتخريج قبل أن يولد إمام الحرمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>