للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولا- اتفقوا على أن الراهن لو أراد المسافرة بالعبد لينتفع به في سفره، لم يمكّن من ذلك. والزوج يسافر بزوجته لتأكد حقه منها، ولا يبالي بما يتعطل من منافع الزوجة الحرة. والسيد يسافر بالأمة التي زوّجها، ولا يبالي بحق الزوج منها. وهذه الأصول في ظواهرها أدنى تفاوت.

ووجه الكلام على الإيجاز عليها أن النكاح في الحرة هو الأصل في بابه، وهو عقد العُمر، وبه قوام العالم، وبقاء النوع، فعظم قدره ويقل بالإضافة إليه منفعة بدن الحرّة، ونكاح الأمة دخيل في الباب، يُجرَى مجرى الرخص، والرهن عارض يعقد للتوثيق، وسيؤول على القرب إلى الفَكّ، أو إلى البيع. وليس في المنع من المسافرة تعطيل كلي.

ثم قال الأصحاب: إن وثِق المرتهن بالراهن سلم العبدَ إليه نهاراً ليستخدمه، ثم يرده ليلاً إليه أو إلى يد عدلٍ، وإن لم يكن الراهن موثوقاً به [كلفه المرتهن أن يُشهد في كل أخذ ورد؛ حتى يقوم الإشهاد في أدائه التوثيق مقامه. وإن كان الراهن موثوقاً به] (١) في الناس مشهوراً بالعدالة، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه يجب الاكتفاء بعدالته؛ إذ يشق تكليفه كل غداة أن يُشهد على نفسه، وإن لم يكن مشهوراً بالعدالة، فقد [أُتي] (٢) من قِبَل نفسه. ومن أصحابنا من قال: إذا طلب المرتهن الإشهادَ، وجب الإسعافُ به.

وحكى صاحب التقريب من لفظ الشافعي [في الرهن] (٣) الصغير من القديم قولاً: أن الراهن لا يزيل يدَ المرتهن قط، ولا يدَ العدل، ولكن يستكسب العبدَ في يد المرتهن، ويحصل أجرته، وإن كان يضيع معظم منافعه، فلا يبالَى به أصلاً؛ فإن إزالة يد المرتهن لا سبيل إليه. وليس كرهن المشاع؛ فإنه أُورد والإشاعة مقترنة به، وهي تقتضي قطع (٤) اليد لا محالة، والوصول إلى المنفعة ممكن من غير إزالة اليد.


(١) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٢) في الأصل: أوتي.
(٣) في الأصل: رهن.
(٤) في (ت ٢): تقطيع.