للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي المسألة قولان، نص عليهما في الرهن الصغير (١): أحدهما - لا يفتك من الرهن شيء؛ لأن الدين واحد، ومستحقه واحد، وقد وقع الرهن من واحد بدين واحدٍ، وحكم الرهن أن يكون كله متعلقاً بكل جزء من الدين الواحد، وما ذكرناً من الصّور قبل هذا مضمونه تعدد الدين، إمَّا بتعدد من عليه، وإمّا بتعدد مستحق الدين، وإما بالتعدد من الجانبين، فجرت تلك التفاصيل بناء على تعدّد الدين، والدين متحد في مسألتنا، وإنما وجد التعدد في مالك الرهن. وسبب التمكن من تصوير العدد في الملك مع اتحاد الدّين والراهن والمرتهن التصويرُ في الرهن المستعار؛ فإن الملاك المتعددين لا دين عليهم، والراهن لا ملك له، فلما اجتمع عدد المالك حيث لا دين، واتحاد الراهن الذي عليه الدين، ولا ملك له، انتظم منه القولان.

وقد ذكرنا أحدهما.

والقول الثاني: أنه ينفك، لأن صَدَرَ (٢) الرهن عن ملكين، فينبغي أن يكون ذلك كما لو صدر عن دينين.

٣٧٤٠ - ولا يتم الغرض في هذا مالم نوضح التصوير ببيانٍ أظهرَ ممَّا ذكرناه.

فالمسألة فيه إذا استعار رجل عبداً من رجلين مشتركين فيه، ورهنه بألف درهم من رجل واحد، ثم أدى خمسمائة.

هذا أصل التصوير. وتمامه أنه [إن] (٣) نوى بالخمسمائة فكَّ نصيب أحدهما،

وعين ذلك الشخصَ بقصده، فالمسألة تخرجُ على قولين: أحدهما - أنه لا ينفك شيء. والثاني - ينفك حصة من عينه (٤). وأما إذا قصدنا بخمسمائة أن تؤدّى على الشيوع، من غير تخصيص بحقه، فلا ينفك في هذه الصورة من الرهن شيء؛ فإنه إذا تحقق تقدير أداء البعض عن كل حصة، فتلك الحصّة بكمالها تبقى مرتهنة إلى تقدير أداء جميع ما يقابلها من الدين. هذا حكم الرهن، فتصوير محل القولين يفتقر إلى


(١) ر. الأم: ٣/ ١٧١.
(٢) صَدَر: بفتحتين أي صدور.
(٣) مزيدة من المحقق مراعاة لاستقامة الكلام.
(٤) هذا التصوير بعينه في (الأم) في الموضع المشار إليه آنفا.