للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرض قصد المؤدي في فك إحدى الحصتين.

ولو استعار عبدين من شخصين، ورهنهما من رجل واحد بدين عليه متحد، ثم قضى نصفَ [الحق] (١) وقصد فكَ الرهن في أحد العبدين، وكانت قيمة كل واحد منهما مائة، فقد اختلف أصحابنا في هذه المسألة على طريقين: فذهب جمعٌ من الأصحاب إلى أنه يفتك الرهن في العبد الذي عينه بقصده؛ ففرق هؤلاء بين العبدين والعبد الواحد؛ من جهة تعدد المحل وتميز أحد العبدين عن الثاني.

وذهب المحققون إلى طرد القولين في صورة العبدين إذا اتحد الدين باتحاد الراهن، فالتعويل على اتحاد الدين وتعدده والمرهون لا ينظر إلى تعدده واتحاده، ولا يشك الناظر أن مسألة العبدين فيه إذا انفرد كل مالكٍ بعبدٍ، فعند ذلك تخيل أقوام الفرقَ، فأمّا إذا كانا مشتركين بين سيدين، فلا يخفى أن المسألة من صور القولين.

ونقل بعضُ الأثباتِ عن الشافعي في الأم نصاً غريباً، وهو أنه قال: إن كان المرتهن عالماً بحقيقة الحال، وكونِ المرهون مستعاراً من شخصين، افتك الرهن في النصف؛ لمكان علمه بتعدد مالك الرهن، فإن لم يعلمه، لم يفتك. وهذا لا ندري له وجهاً؛ فإن عدم الانفكاك سببه اتحادُ الدَّين، وعدمُ النظر إلى تعدد المالك واتحاده. وهذا لا يختلف بعلم المرتهن وجهله.

نعم يؤثّر العلمُ والجهل في شيء آخر، وهو أن من رهن عبداً مستعاراً من مالكين عند رجلٍ واحدٍ بثمن مشروط بالرّهن، وفرعنا على أن أداء ما يقابل نصيب أحد المعيرين يوجب انفكاك الرهن في حصته، نظر في المرتهن: فإن كان جاهلاً بتعدد المالك وصفة الحال، ثبت له الخيار إذا تبين الأمر؛ فإنه بنى الأمر على رهن مطلق بدينٍ واحد، وموجبه أن لا ينفك منه شيء ما بقي من الدين شيء. وإن كان عالماً بحقيقة الحال دارياً بأن ذلك يُفضي إلى تبعيضٍ في الفك، فلا خيار له إذا حصل التبعيض في الفك.

ولو كان بين رجلين عبد مشترك، فأذن أحد الشريكين لصاحبه في أن يرهن نصيبه


(١) في الأصل: الرهن.