أولاً من عمرو، وسلمه إليه، فكان إقراره الثاني مخالفاً للأول. أما الرهن، فهو في ظاهر الأمر مسلَّمٌ إلى المقر له أولاً، وهل يغرَم المقِر للمقر له ثانياً قيمة ذلك الرهن لتوضع رهناً؟ فهو على قولين مأخوذين من أصلٍ معروف في أن الحيلولة في الأموال بالأقارير [وبالشهادات هل توجب الغرامة على المتسبب إلى إيقاعها بالإقرار](١) أو بالشهادة المتصلة بحكم الحاكم؟ هذا الأصل على قولين.
ومن صوره لو قال: غصبت هذه الدارَ من فلان، لا بل من فلان.
وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله عز وجل في كتاب الغصوب، وفيه يتبين تفاوت المراتب في مسائل الأصل، ويتسلسل الترتيب، وما ذكرناه من القولين في الرهن ليسا على كمال البيان.
وكمال بيانهما في أثناء الفصل، وإنما غرضنا التنبيه على ما يُفضي إليه الإقرار الثاني من أمر الغرم.
٣٧٤٧ - ومما نقدمه أن المالك لو قال: رهنت عبدي فلاناً من زيدٍ وأقبضته، بعد أن كنتُ رهنته من عمرو وأقبضته، فصدقُ الإقرار يقتضي تقديمَ زيد. ومنتهى الكلام المنعطف على أوله يقتضي أن يكون المتقدم عمراً.
هذا تخريجٌ على القولين في أن الاعتبار في مثل ذلك بأول الإقرار، أو بآخر الكلام المتواصل. فإن قلنا: الاعتبار بآخر الكلام، فالمقَرُّ له بحق السبق هو المذكور آخراً.
وإن قلنا: الاعتبار بصدر الكلام، فالمقر له أولاً هو المذكور أولاً في صدر الكلام، وهذا مأخوذ من قول القائل: لفلان علي ألفُ درهم من ثمن خمرٍ، فإن بنينا الأمر على آخر الكلام، لم نُلزمه شيئاًً، وإن بنيناه على أوله، ألزمناه الألفَ المقرَّ به، المذكورَ صدراً في الكلام، وأحبطنا الآخر، وسيأتي بيان هذا في الأقارير إن شاء الله.
فإذا تبين الاختلاف في مسألة الرّهن في أن الأوّل في ظاهر الحكم مَنْ؟ فمن نقدره أولاً، فالرهن مسلم إليه، وهل يغرَم المقر لمن نقدِّره آخراً أم لا؟ فعلى ما قدمناه من القولين.