للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه على ابن الجوزي أكثر، لأنه خرج على الأبواب" (١).

والحديث أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب رقم ٢٣، وقد صححه الألباني في صحيح أبي داود، والمشكاة، وصحيح الجامع، وصحيح الترغيب.

فلم يسلم ابن الجوزي، وابن حبان -على منزلتهما- من التعقب.

* يقول السيوطي في ترجمته الموجزة لنفسه، في آخر الجزء الثاني من المزهر، يقول: " لزمت في الحديث والعربية شيخَنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين ... ورجع إلى قولي مجرداً في حديثٍ؛ فإنه أورد حديث ابن أبي الجمرا في الإسراء، في شرح الشفا، وعزاه إلى ابن ماجة، فاحتجتُ إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجه، فلم أجده، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظري، فمررت مرة ثانية، فلم أجده، فعدت ثالثة، فلم أجده!!

ووجدته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فبمجرد ما سمع مني ذلك أخذ نسخته، وأخذ القلم، وضرب على ابن ماجة، وألحق ابن قانع في الحاشية.

فأعظمت ذلك، وهبته لعظيم منزلته في قلبي، واحتقاري في نفسي، وقلت: ألا تصبرون لعلكم تراجعون!!، فقال: لا. إنما قلّدت في قولي: " ابن ماجة " البرهان الحلبي " (٢) انتهى.

وقد آثرت إيراد النص بتمامه لما فيه من فوائد بجوار ما نحاوله من إثبات أن أكابر الأئمة يقعون في الوهم، ولا يحط ذلك من قدرهم، ولا يزري بمنزلتهم، فبجوار ذلك ترى صورة رائعة من صبر العلماء، فتأمل كيف صبر السيوطي على قراءة ابن ماجة، ثلاث مرات من أجل الوصول إلى سند حديث، يريد أن يورده مسنداً.

ئم تأمل كيف يلزم السيوطي ذلك العلامة الشافعي شيخاً حنفياً يأخذ عنه الحديث، والعربية ويستمر ذلك أربع سنوات، ويتحدث عنه بهذا الإجلال والتقدير. نضع هذه


(١) ر. التلخيص: ٢/ ١١٨ حديث ٧٦١.
(٢) المزهر: ٢/ ٦٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>