للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمام أعين الذين لا يرون في تاريخنا الفكري إلا صوراً من الصراع المذهبي ومتى يحدث هذا؟ يحدث في القرن التاسع والعاشر، في القرون التي يسمونها عصر الضعف والانحطاط.

* والحافظ بن حجر الذي رأينا كثيراً من تعقباته وشدته أحياناً على من يتعقبه، لا يسلم من الوهم، ويقيض الله له من يتعقبه.

وذلك أنه في كتابه الماتع (فتح الباري) وهو يشرح حديث زيد بن أسلم عن أبيه: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولىً له يدعى هُنيّاً على الحمى، فقال: يا هُنيّ، اضمم جناحَك عن المسلمين، واتق دعوة المسلمين؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل ربَّ الصُّريمة ورب الغُنَيمة، وإياي ونَعَم ابن عوف، ونَعَم عثمان بن عفان؛ فإنه إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع، وإنّ رب الصُّريمة ورب الغُنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتني ببينة، فيقول: " يا أمير المؤمنين "!

أفتاركهم أنا، لا أبالك؟ فالماء والكلأ أيسر عليّ من الذهب والورِق، وايم الله، إنهم لَيَرون أني قد ظلمتهم؛ إنها لَبلادُهم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لوَلا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميتُ عليهم من بلادهم شبراً ".

وهذا الحديث رواه البخاري من طريق مالك: حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه.

وقد ختم الحافظ شرحه للحديث قائلاً: " وهذا الحديث ليس في الموطأ " (١).

وقد تعقبه العلامة محمد فؤاد عبد الباقي قائلاً: " هذا الحديث في الموطأ كتاب (٦٠) كتاب دعوة المظلوم (٢)، باب (١) ما يُتقى من دعوة المظلوم: حدثني مالك عن زيد بن أسلم ". ا. هـ


(١) ر. فتح الباري: ٦/ ١٧٥ - ١٧٧. كتاب الجهاد (٥٦) - باب (١٨٠) إذا أسلم قومٌ في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم. حديث رقم ٣٠٥٩.
(٢) ر. الموطأ: ٢/ ١٠٠٣ حديث رقم (١) من كتاب دعوة المظلوم. وليس في الكتاب إلا باب واحد، به حديث واحد، هو هذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>