للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يقال: من غصب ثوباً وقصره، وزادت قيمة الثوب بسبب القصارة؛ فيصير شريكاً في الثوب، كما لو صبغ الثوبَ بصِبغٍ من عنده. وقد اتفق العلماء على أنّ الغاصب يصير شريكاً في الثوب إذا صبغه بصِبغٍ من عنده، ولا يصير شريكاً إذا قصره.

فحاصل قولنا: "القصارة عين" أنها صفة مقصودة، يتعلق بها العامل المُوقعُ لها تعلق اختصاص كما يتعلق المرتهن بالرهن.

هذا قولنا في الأجير.

أمَّا إذا أضفناها إلى المشتري، فله فيها حقيقة الاستحقاق؛ لأنها وقعت في ملكه. وإذا تبين أن تعلق الأجير على النحو الذي ذكرناه، فإن كانت الأجرة درهماً، وقيمة القصارة خمسة، فلا يزاد الدين بزيادة قيمة الرهن. وإن كانت الأجرة خمسة ووالقصارة درهماً، فإذا صرفت القصارة إلى الأجرة، كان ذلك كصرف الرهن إلى الدين. وإذا نقص ثمنُ الرهن عن مبلغ الدين، فالفاضل من الدين يبقى لا محالة.

فتمهد مما ذكرناه أن القصارة ليست في حكم المملوكة للأجير، وإنما تكون في حكم المملوكة للمشتري.

٣٩٢٨ - وههنا الآن غلطتان نذكرهما، لا ليلتحقا بالمذهب، ولكن ليتبين وجه الغلط: إحداهما - أن الأجرة إذا كانت درهماً، والقصارة خمسة، والثوب عشرة، فقد ذكرنا من نص الشافعي أن الثوب إذا بيع بخمسةَ عشرَ، فللبائع الراجع عشرةٌ، وللأجير درهم، وللمشتري أربعة. فلو زادت قيمة الثوب؛ فاشتري بثلاثين، قال شيخي في دروسٍ (١): يتضاعف حق كل ذي حق، فلصاحب الثوب عشرون، وللأجير درهمان، وللغرماء ثمانية. أما تضعيف حق صاحب الثوب، وتضعيفُ حق الغرماء فبيّن؛ فإن الثوب ملكُ البائع الراجع، والقصارة مستحقة للمشتري، فارتفاع قيمة المستحق ليس بدعاً، فأما تضعيف الأجرة، فلا وجه له؛ فإنا ذكرنا أنّه ليس مستحقاً للقصارة؛ إذ لو كان مستحقاً، لفاز بجميعها فَوْزَ البائع بجميع المبيع، وإن ارتفعت قيمته. فالوجهُ القطع بأنه على [درهمه] (٢) ولكنه مقدم به لتعلّقه بالعين كما يقدم


(١) كذا. ولعلها في دروسه.
(٢) في الأصل: درهمٍ. والمثبت من (ت ٢).