للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المرتهن بالدين الموثق بالرهن، فذلك الدرهم إذاً للمشتري؛ فإنه من قيمة القصارة، وليس للبائع إلا ثلثاً الثمن، وما سلّم إلى القصّار من حساب القصارة. فهذه غلطة.

٣٩٢٩ - الغلطة الأخرى (١)، وهي شائعةٌ في ألفاظ الأصحاب، ولا يتجه فيها احتمال، وذلك أنهم قالوا في التفريع على قول العين: يفسخ القصّارُ العقدَ، ويرجع إلى القِصارة، ثم فصلوا المذهب. وهذا بعينه مصير إلى أن القصارة هلكت (٢) من القصّار، وهي ترجع بالفسخ إليه. ولو كان كذلك، لاستحق القصارة بكمالها [بالغة] (٣) ما بلغت قيمتها، وليس الأمر كذلك؛ فليس للقصار من القصارة إلا التوثّق المحض، ولا معنى مع هذا الذكر للفسخ. نعم لو أراد المضاربة، كان كالمرتهن يُبطل حق توثقه ويجعل نفسَه مع الغرماء مضارباً، ويسلم لهم محل تعلقه.

هذا تفصيل القول في ذلك، والتنبيه على محل الإشكال والانفصال، وإيضاح

عثراتِ العاثرين.

٣٩٣٠ - فإن قيل: أليس ذكر الأصحابُ قبل الخوض في أحكام التفليس من هذا الفصل أن العامل يحبس الثوبَ المقصورَ حبس البائع المبيع؟ قلنا: ليس ذلك بدعاً، والمرتهن يحبس المرهون إلى توفير الدين عليه، وحبسُه آكد من حبس البائع.

فإن قيل: إن كان كذلك، فلا وجه لدفع قولهم: لو تلف الثوب في يد القصار، سقط حقُّه من الأجرة، كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل القبض، ولو كان تعلقُ حقه على قياس تعلق حق المرتهن، لما سقط حقه بتلف متعلَّقه، كما لا يسقط [الدين] (٤) بتلف الرهن في يد المرتهن.

قلنا: هذا الآن يُحْوِجُنا إلى فن آخر من الكلام، فنقول: سبب سقوط أجرته أننا نقدر القصارة كأنها جزء من عمله، فإذا لم ينته إلى يد المستأجر، وكان عمله بعدُ في ضمانه، فإذا تلف الثوب، سقطت الأجرة لذلك، ولا تكون القصارة مملوكةً مبيعةً.


(١) (ت ٢): الثانية.
(٢) (ت ٢): ملكت.
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) زيادة من (ت ٢).