للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا واضح. ولم يبق بعد هذا إشكال على ذي نظر.

٣٩٣١ - وحان أن نخوض في فصل الصِّبغ مشمرين مستعينين بالله تعالى، فنقول أولاً: إنما أخرنا طرف الصِّبغ، لأنّه يتعلق بما هو عين وفاقاً، وهو جِرمُ الصِّبغ، وإنما اختلف القول في أنه أثر أو عين فيما هو صنعة الصباغ المسمى الصَّبغ. فإذا تمهد القول في محل الأثر والعين، ينتظم بعد ذلك ما نحاول في هذا الفصل، إن شاء الله تعالى.

فنقول:

٣٩٣٢ - من اشترى ثوباًً وصبغه بصبغ من عنده، فالصِّبغ القائم في الثوب عينٌ حسّاً، فلو ارتفعت قيمة الثوب والصّبغ أيضاً، مثل أن يكون الثوب غيرَ مصبوغ عشرةً (١)، والصِّبغ درهم، والثوب المصبوغ خمسةَ عشرَ، فالزيادة على قيمة الثوب وجِرم الصِّبغ إنما حصلت بالصَّبغ وحسنِ الصنعة، وما يحصل من الصنعة، فهو على قولين في أنه أثر أو عين، كالقِصارة. فنبيّن غرضَنا بالصور نرسلها، ونأتي في كل واحدة بما يليق بها.

٣٩٣٣ - فإذا ابتاع الثوب بعشرة، وقيمته عشرة، فصبغه بصبغ من عنده، يساوي خمسة، نُظر: فإن كان الثوب يساوي مصبوغاً عشرة، فقد ضاع الصِّبغ، والثوب المصبوغ للبائع الراجع، لا حق للمشتري والغرماءِ فيه، فصار الصبغ مستهلكاً. وقد قررنا ذلك مراراً.

ولو كان الثوب مصبوغاً يساوي ثلاثة عشر، فالنقص محسوبٌ على الصِّبغ دون الثوب؛ فنقول: يسلم إلى صاحب الثوب عشرة كاملة، وإلى المشتري والغرماء ثلاثة. ولو لم تزد قيمة الثوب والصبغ، ولم تنقص، وكان الثوب مصبوغاً يساوي خمسةَ عشرَ، والثوب وحده عشرة، والصبغ خمسة. فليس في هذه المسألة للصنعة أثر. فإن كان من نعتٍ، فضائعٌ غائصٌ في عين الثوب والصبغ. فإذا بعنا الثوب بخمسةَ عشرَ، فالثلث من الثوب مصروف إلى المشتري وغرمائه، والثلثان للبائع.


(١) كذا في النسختين بإضمار فعل: "يساوي" أو نحوه.