للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيها؛ فإن الأرش دينٌ جديد، وليس متعلقاً بمصلحة الحجر، فإن صدرت الجناية من عبد المفلس، فهو من جملة الأموال الموقوفة للغرماء، فلو أراد المفلس أن يفديه بعين من أعيان أمواله، فهذا تصرُّفٌ منه في أعيان الأموال، وقد سبق التفصيل في تصرفاته، فلا حاجة إلى إعادتها. والقاضي لو أراد الفداء، ورأى ذلك مصلحة وغبطة، نفذ ذلك منه. وحق المجني عليه إذا تعلق برقبة العبد مقدم على حقوق الغرماء، كما نُقدِّم حقَّ المجني عليه على حق المرتهن، إذا جنى العبد المرهون.

وهذا واضح. وليس كالجناية على المفلس نفسه. ووضوح ذلك يغني عن بسطه.

فصل

قال: " وليس على المفلس أن يُؤاجر نفسه ... إلى آخره " (١).

٤٠١٤ - ليس على المديون عندنا، محجوراً كان، أو مطلقاً، أن يكتسب لأجل الدّين؛ وإن كان ممكناً منه. وقال أحمد (٢): عليه ذلك، وزعم أن القاضي يؤاجر المفلسَ، ويصرف أجرته إلى نفسه. ومعتمدنا أن الرّب تعالى قال في كتابه {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] أوجب الإنظار، ولم يُلزم الاكتساب. وفي إيجاب الاكتساب لأجل النفقة كلامٌ، سيأتي في كتاب النفقة، إن شاء الله تعالى.

فإن قيل: أليس روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع سُرَّقا (٣) في دينه، وحُمل ذلك على أنه آجره؛ فإن الحر لا يباع؟ قلنا: يحتمل أنه كان عبداً، فباعه في أرشٍ كان تعلق برقبتهِ.

٤٠١٥ - ولو كان للمفلس أم ولد، فهل يؤاجرها القاضي ليصرف أجرتها إلى الديون؟ فعلى وجهين: أحدهما - يفعل ذلك؛ فإن منافعها مالٌ، فلئن تعذر بيعها،


(١) ر. المختصر: ٢/ ٢٢٢.
(٢) في المغني لابن قدامة روايتان لأحمد، الثانية منهما: " عليه أن يؤاجر نفسه "، والأولى كمذهب الشافعي ومالك (٤/ ٤٩٨).
(٣) الحديث رواه الدارقطني: ٣/ ٦١. وسُرّق: بضم أوله، وتشديد الراء، بعدها قاف.
وضبطها العسكري بتخفيف الراء وزن عمر وغُدر. (ر. الإصابة: ٢/ ٢٠، ٤/ ١٢٥).