للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلا تعذر في صرف منافعها إلى الدين. والثاني - لا يفعل ذلك؛ فإنّ المنافع ليست أموالاً عتيدة موجودة، ولو كانت بمثابة الأموال الموجودة، لوجب إجارةُ المفلس من نفسه.

واختلف الأئمة فيه أيضاً إذا كان على المفلس وقفٌ، وأمكن إجارته (١) هل يجب ذلك، وصرفُ الأجرة إلى الديون؟ فيه الخلاف الذي ذكرناه في أم الولد. ثم إن لم نوجب الإجارةَ، فلا كلام، وإن أوجبناها، فالوجه أن نوالي بين المُدد في الإجارة إلى الوفاء بالديون؛ فإن المنافع لا نهاية لها، وليست كالأموال العتيدة التي تعنى بالصرف إلى الديون.

فإذا كان كذلك، فيلزم من قياس هذا أن يدوم الحجر إلى أداء الديون من جهة الإجارة. وهذا فيه بُعد لا يخفى مُدركه على الفقيه.

فصل

قال: " ويترك له من ماله ما لا غِنى به عنه ... إلى آخره " (٢)

٤٠١٦ - الحاكم قبل تفرقة مال المفلس ينفق عليه، وعلى من تلزمه نفقته من زوجاته وأقاربه الذين يستحقون إنفاقه عليهم. فإن قيل: النفقة على المفلس بيّنة، فما سبب الإنفاق على غيره، والمال موقوفٌ بسبب الديون؟ قلنا: النفقة في ترتيب المعاملة مقدمة على أداء الديون في كل يوم، وأمواله بنفقاته أولى منه بديونه. والإشكال في نفقة الأقارب. وكان لا يمتنع أن يُلحق (٣) في حقوقهم [بالفقير الذي لا مال له] (٤). ولكن


(١) أي إجارة الوقف، ومنشأ الخلاف أن المنفعة ليست مالاً عتيداً، وإنما هو اكتساب، كما هو مفهوم، وصرح به الغزالي في الوجيز: ١/ ١٧٢.
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٢٢٢.
(٣) أي يلحق المفلس بسبب حاله وإفلاسه بالفقير الذي لا مال له؛ أي لا يُنفق من ماله على أقربائه.
(٤) في الأصل: بالفقر على الذي لا مال لهم. والمثبث من (ت ٢).