للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي [استظهار القاضي] (١) بعدد الشهود كلام طويل لا نخوض فيه.

ثم قال الشافعي: إذا قامت البينة على الإعسار، حلّفنا الشهود بعساره مع البينة، وخالف أبو حنيفة (٢) فيه.

واختلف أصحابنا في أن هذا التحليف هل يقف على استدعاء الخصم ومسألته؟ منهم من قال: إنه موقوف على الاستدعاء والمسألة، وهو من حق الخصم. ومنهم من قال: إنه من أدب القضاء، فيتحتم على القاضي التحليف، وإن لم يسأله الخصم، إلا أن يقنع الخصمُ، ويبدي الرضا بإطلاقه، فلا إشكال إذاً.

هذا كله إذا أقام بينة على الإعسار.

٤٠٤٤ - فأمَّا إذا قال: أنا معسر، وليس يشهد على إعساري أحد، فكيف خلاصي من هذا الحبس؟ قال الأصحاب: إن عُرف له يسار سابق، فلا سبيل إلى إطلاقه، والحالة هذه، ما لم تقم بينة على زوال اليسار؛ فإنَّ الظاهر بقاؤه، والغالبُ استمكانه من إثبات زوال أسباب اليسار. فإذا لم يُقم بيّنةً، ظهر كذبه.

وإن لم يعرف له يسار سابق، فادّعى الإعسارَ، ففي قبول قوله مع يمينه أوجه:

أحدها - أنه يُقبل؛ إذ الأصلُ الفقر. والثاني - لا يقبل؛ لأن الظاهر من حال الحُرّ أن يملك شيئاًً، وإن قلّ، ويندرُ حُرٌّ لا ملك له. والثالث - أنه إن التزم الدينَ باختياره مثل مال الضَّمان، والصَّداقِ، فلا يُقبل قوله؛ لأن الظّاهر أنه لا يلتزم باختياره مالاً إلا مع التعويل على ملكٍ وافٍ به. وإن لزمه ضمانٌ من غير اختيار، قُبل قولُه في دعوى الإعسار.

هذه الأوجه [الثلاثة] (٣) هي التي عليها التعويل.

٤٠٤٥ - وذكر أصحابنا وجهاًً رابعاً، نسوقه على وجهه ونبيّن اختلاله، قالوا: من أصحابنا من قال: كل دين لزمه عوضاً عن مالٍ، فلا يقبل فيه دعوى الإعسار، وما لم


(١) في الأصل: الاستظهار للقاضي.
(٢) ر. الاختيار: ٢/ ٩٠.
(٣) مزيدة من (ت ٢).