للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا مزيد على ما ذكرناه؛ فإن أسرار الشهادات مذكورة في كتابها.

٤٠٤١ - ومن لطيف الكلام في ذلك أن كل ما تستند الشهادةُ فيه إلى اليقين، فلو علمه القاضي بنفسه، اختلف القولُ في جواز قضائه بعلمه. ولو انتهى القاضي فيما لا علم فيه، إلى منتهى يشهد فيه، كالأصولِ التي ذكرناها، فلا يحل له القضاء. وإن كان يحلّ له أن يشهد بما أحاط به، وظهر عنده، فليتأمل الناظر هذا؛ فإنه من أسرار القضاء.

٤٠٤٢ - وتمامُ البيان في الفصل يتعلق بتردد الأصحاب في أمرٍ نذكره: وهو أن القاضي إن علم أن الشاهد من أهل الخبرة الباطنة في الإعسارِ ونظائرِه، [قبل] (١) شهادته، وإن لم يتحقق ذلك عند القاضي، [ولكن] (٢) ذكر الشاهدُ [أنه خبر باطنه، وهو عدل رضاً، كفى ذلك، فإنه قد يُعتمد في شهادته، كما يعتمد في ذكره أنه من أهل الخبرة الباطنة. وإن أطلق الشهادة على الإعسار، ولم يتبين للقاضي من جهة بحثه، ولا من جهة ذكر الشاهد] (٣) أنه من أهل الخبرة، فيتوقف لا محالة. هكذا ذكره الأئمة.

والشهادة على الملك وإن كانت لا تستند إلى يقين مقبولةٌ على الإطلاق من العدل الموثوق به، وليس على القاضي بحثٌ عن أسباب تحمّل الشهادة، والسَّبب فيه أن تلك الأسباب ثابتةٌ، من اليد، والتصرف، ولا يُظَن بالشاهد إلا التثبتُ. والإعسارُ وانتفاءُ الوارث وعدمُ الأسباب المخرجة عن العدالة نفيٌ محققٌ، وعلى الناظر في هذا مزيد بحثٍ، سيأتي الشرح عليه في الشهاداتِ، إن شاء الله تعالى.

٤٠٤٣ - وممَّا يليق بهذا أن الإعسار يثبت بشهادة شاهدين مع الاحتياط الذي ذكرناه. وذكر بعض المصنفين لفظاً مضمونه أنه لا بد من ثلاثة شهود، وهذا خُرقٌ (٤) عظيم، وخروج عن الضبط، ولعله أراد أن القاضي إن بدا له أن يستظهر بالعدد، فعل، لما حققناه من إشكال الإعسار.


(١) في الأصل: قبلت.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) ما بين المعقفين ساقط من الأصل.
(٤) خُرق: حمق (معجم).