للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي المسألة غائلة، لا بد من التنبيه لها، وهي أنا لو سمعنا المدعى عليه يُعيد الإنكار بعد ما ادّعى الأجنبي أنه وكيله، فعادة الإنكار منه عزلٌ له، فتنقطع الوكالة، ولو لم يُعِدْ إنكاراً بعد الإنكار الأول، فالأمرُ على ما ذكرناه حينئذ.

٤١١٧ - ومن مسائل هذا القسم أن يقول الأجنبي: قد أقر المدّعى عليه عندي بعد إنكاره، وأنا أصالحك عنه لنفسي على كذا، فقد قال طوائف من أصحابنا: يصحّ هذا العقد. فإنَّا نبني صحة العقد على الصيغة الدائرة بين المتعاقدين، وهما متقارّان، وصورة العقد مبنيّة على التقارِّ. وهؤلاء يشترطون لا محالة أن يكون المشتري قادراً على انتزاع تلك العين من يد المدعى عليه. ولو قال الأجنبي: أنا قادر على الانتزاع من يده، بُني العقدُ على حكم قوله في الظاهر، وحُكم بصحته.

وكان شيخي أبو محمّد يطلق القول بأن الصلح في هذه الصورة لا يصح على هذا الوجه؛ فإن ظاهر الشرع قاضٍ بثبوت الملك للمدعى عليه، وابتياعُ ملكه المحكومُ به من غير إذنه لا يصح.

[والوجه التفصيلُ عندنا، بأن] (١) يقال: إن كان الأجنبي صادقاً بينه وبين الله تعالى، حُكم بصحة العقد باطناً قطعاً. ولكن. لو قيل: يُحكم (٢) بصحة العقد ظاهراً، على معنى أن تزال يدُ المدعى عليه، من غير ثَبتٍ، فهذا لا وجه له، ولا سبيل إليه.

وإن قيل: هل يطالِب المدّعي الأجنبيَّ المصالحَ بالثمن الذي التزمه بناء على قوله والتزامه؟ فالوجه القطع بأنه يطالبه، ويؤاخذه بحكم قوله.

وإن كان المدّعي كاذباً في علم الله تعالى، فالعقد باطل باطناً، وفي مؤاخذة الأجنبي بالظاهر بناء على قوله والتزامه - الذي ذكرناه (٣).

وما ذكرهُ شيخي له اتجاهٌ؛ فإن انتزاع تلك العين من يَدِ المدّعى عليه ممنوع شرعاً،


(١) في الأصل: والوجه في التفصيل عندنا أن.
(٢) في الأصل: هل يحكم.
(٣) أي الوجهان. كما صرح بنقله الرافعي، في الشرح الكبير: ١٠/ ٣٠٥ بهامش المجموع.