للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإجارة بلفظ البيع، ومعتمد المذهب في ذلك مسيس الحاجة إليه، وهو مضنون به، يهون بَذْلُك العوضَ في مقابلته. ثم إنما ينتظم هذا النوعُ من الانتفاع بالتأبيد، كما أن مقصود النكاح ينتظم بالتأبيد، ولا ضرورة إلى تأبيد الاستئجار للسكون (١) وغيرِه من جهات الانتفاع، والأبنية (٢) [وضْعُها] (٣) التأبيد. ويجوز الوصية بالمنفعة أبداً؛ فإنا نحتمل في الوصية ما لا نحتمله في المعاملات. فهذا عقد المذهب.

٤٢٠٦ - وذهب المزني إلى أن هذه المعاملة فاسدة، لخروجها عن قضية الإجارة والبيع جميعاً، وهذا معدود من مذهبه المختص (٤) به، لم يخرِّجه للشافعي.

واحتج المزني بأن قال: لو أخرج الرجل جناحاً في ملك غيره بعوض، لم يصح ذلك، فليكن ما نحن فيه بهذه المثابة.

قلنا له: ما استشهدتَ به يعتمدُ الهواءَ المحضَ، وأمّا حق البناء، فإنه يتعلق بعينٍ، والدليل عليه أن المزني لا يمنع استئجار بقعةٍ مدةً معلومة للبناء عليها، ولا يجوز فرضُ مثل هذا في إشراع الجناح، فبان افتراق الأصلين، في باب جواز المعاملة، في جواز أحدهما ونفيه في الثاني، وآل الكلام بعد ذلك إلى أنا نجوز تأبيد المعاملة للحاجة الماسة، كما تقرر، ولا [نمنع] (٥) أيضاً من تقرير هذه المعاملة إن وقع التوافق عليها.

٤٢٠٧ - وينتظم للفقيه في ذلك مراتب: إحداها - البيعُ. والتأبيدُ مستحق فيه؛ فإنه يتضمن التمليك الحقيقي، واستئصالَ حق المتقدم (٦) بالكلية.


(١) السكون: السكن من وضع المصدر مكان اسم المصدر.
(٢) المراد الأبنية موضوع المسألة، أي التي تبنى فوق سطحٍ يشترى لذلك.
(٣) في الأصل: وصيغها. وهو تصحيف واضح.
(٤) يميز إمام الحرمين بين شرح المزني لكلام الشافعي، والتخريج على نصوصه، وبين اختيارات المزني، وتخريجاته على غير نصوص الشافعي، ومعاني كلامه، ويسمى هذا مذهباً للمزني.
(٥) في الأصل: يمتنع.
(٦) كذا. والمعنى: "حق المالك المتقدم" فلعل لفظ (المالك) سقط من الناسخ.