وجهين: أقيسهما - أنه يرجع؛ لأن الحوالة أقيمت مقام الإقباض في وضعها، بل هي أقوى من الإقباض؛ فإن القبض قد يُنقض، والحوالةُ بعيدةٌ عن قبول النقض.
والثاني - لا يرجع عليه؛ لأن الاسترداد على حسب الإقباض، وهو لم يقبضه حساً، فكيف يسترد منه حساً، بل سبيل الاسترداد أن يقع إذا حصل القبض الحقيقي.
٤٢٥٦ - ثم إن قلنا: الحوالة باقية، فلا شك أن البائع يطالب المحال عليه بتوفية مال الحوالة، فلو أبرأه على هذا، فيضمن حينئذ [للمشتري](١) الثمنَ؛ فإنَّ إبراءه بمثابة استيفائه.
وممّا ينشأ من ذلك: أنا إذا قلنا: لا يرجع المشتري على البائع قبل قبض مال الحوالة، فهل يملك مُطالبتَه بمُطالبة المحال عليه أم لا؟ من أصحابنا من قال: يملك مُطالبتَه على النحو الذي ذكره؛ لأن البائع مالكٌ لمطالبة المحال عليه، فيبعد أن يمتلك البائع ذلك من جهة المشتري، ولا يثبت للمشتري أصلُ توجيهِ المطالبةِ. ومن أصحابنا من قال: لا يملك المشتري الرجوعَ بالثمن، ولا المطالبةَ بتحصيله. وهذا بعيدٌ جداً.
٤٢٥٧ - وإن حكمنا بأن الحوالة تنتقض برد المبيع، فإنْ كان قبض المال قبل الرد، فهل نحكم بأنتقاض الحوالة الآن؟ وفائدةُ ذلك أن يتعين على البائع ردُّ عين ما قبضه؟ أم نحكم بأن الحوالة لا تقبل النقضَ بعد قبض المال من المحال عليه؟ فعلى وجهين، وفائدة قولنا: لا تنتقض، أن البائع لو أراد أن يأتي ببدَلٍ عما قبضه، ولا يردّ عينَه، كان له ذلك. ولو لم يقبض البائع المالَ من المحال عليه حتى حكمنا بارتفاع الحوالة، فلا شك أن المطالبة تنقطع عن البائع، وينقلب الدّينُ في ذمة المحال عليه، بعد الحكم بانفساخ الحوالة، فلا شك أنه لا يقع قبضُه لنفسه. ولكن هل يقع عن المشتري؟
فعلى وجهين ذكرهما شيخي: أحدهما - وهو الذي لا يتجه غيرُه - أنه لا يصح قبضُه للمشتري؛ فإن الحوالة لم تقع للمشتري، وإنما وقعت للبائع، فإذا انفسخت وزالت، لم يبق لها أثر، ويستحيل أن تنعكس الحوالة وكالةً بالاستيفاء.
والوجه الثاني - أن قبضه يصح عن المشتري؛ فإنه جرى الأمر بالقبض على جهةٍ،