للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما] (١) ذكرناه من جواز الاستفصال من القاضي مردوداً إلى خِيَرته، ولكنَّه ينظر إلى حال الشاهد، فإن رآه على عدالته خبيراً بشرائط الشهادة، فطناً، مستقلاً، فله ترك الاستفصال حتماً (٢). وإن تمارى في أمره، فلابد من الاستفصال.

وقد يقع حالة لا تجب المباحثة فيها حتماً، والاحتياطُ يقتضيها، وهذا من خفايا أحكام القضاء. وستأتي مستقضاة في موضعها.

ثم إذا استفصل القاضي، فهل يتعين على الشاهد التفصيلُ في أن [المسؤول] (٣) عنه شرائط الإقرار؟ فعلى وجهين: أحدهما - يتعين عليه ذلك. والثاني - لا يتعين عليه.

ولا خلاف أنه لا يجب على الشاهد تفصيلُ المكان والزمان، وإن استفصل القاضي، والفرق أن الجهل بالمكان والزمان لا يقدح في الشهادة، والجهلُ بالشرائط يقدح. وإنما قبلنا الإقرار المطلقَ للعلم الظاهر باستقلال الشاهد بالإحاطة بالشرائط، والثقةِ بأن الإقرار لو كان عديم الشرط، لما استجاز الشاهدُ -مع العلم والعدالةِ- ذكرَ (٤) الإقرار المطلق.

٤٤٥١ - ومما يتعلق بتمام البيان في هذا، أن الشاهد لو قيد الإقرار المشهودَ به بصحة العقل، فقال المشهود عليه: كنتُ مجنوناً، إذْ لفظت بالإقرار، فلا يقبلُ مجرّدُ قول المشهود عليه.

فإن أطلق الشاهد الشهادةَ على الإقرار، ولم يتعرض للعقل، وعسر الاستفصال، [لبعض] (٥) الأسباب، فقال المشهودُ عليه: كنت مجنوناً لما لفظت بالإقرار، نُظر: فإن عُرف له حالة جنون فيما سبق، فالقول قوله مع يمينه، وإن كان ظاهرُ الشهادة مشتملٌ على تقدير اجتماع الشرائط، ومنها العقل. ولكن إذا لم يقع له تعرض،


(١) في الأصل: مما.
(٢) كذا. ولعل العبارة: فلا بد من ترك الاستفصال حتماً.
(٣) في الأصل: للمسؤول.
(٤) في الأصل: ذكرُ. (بالرفع).
(٥) في الأصل: فبعض.