للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: اختلف الأئمة في سائر الصفات المرعيّة: فمنهم من خرّجها على قولي الحريّة. ومنهم من لم يعتبرها، من جهة أنها لا تخفى ولا يُشكل على العامّة اشتراطُها.

والقياسُ التسوية.

فإن جرينا على ما ذكره الأصحاب، ففيه تفصيل لابُدّ من المعرض له: وهو أن الشاهد لو أطلق الشهادة على الإقرار، فللقاضي أن يسأله عن الصفات المعتبرة، فإن فصَّل، فذاك، وإن امتنع، فقال: لا يلزمني التعرض لذكر هذا، ولو كان لازماً، لبينتُ. قال القاضي: إن كان امتناعُه لا يورث القاضي رَيْباً، أمضى القضاءَ بشهادته، وإن ارتاب، توقف في شهادته. فيخرج من ذلك أنه لا ينحسم على القاضي مسلك الاستفصال.

وهذا يبينه شيءٌ: وهو أنّ الشاهد لو شهد مطلقاً؛ ومات، أو غاب، وتعذر الاستفصال، امتنع تنفيذُ القضاء بالشهادة المطلقة.

وإن شهد، واستفصل القاضي، فأبى الشاهد؛ صائراً إلى أنه لا تفصيل عليه، وعلم القاضي [أنه] (١) لا يشهد إلا على بصيرةٍ، فظاهر كلام الأصحاب أن الشاهد لا يلزمه أن يفصّل، كما لا يلزمه أن يذكر مكانَ الإقرار، وزمانَه. ومن القضاة من يرى البحثَ عن المكان والزمان، وغرضُه أن يستبين تثبتَ الشاهد وثقتَه بما يقول. فإن كان الشاهد خبيراً، لم يجب القاضي إلى ذكر المكان والزمان.

٤٤٥٠ - ولا بد من قولٍ ضابطٍ في هذه الفصول، فنبدأ بإطلاق الإقرار [مع] (٢) السّكوت عن الصّفات المشروطة المرعية. فالمذهبُ الظّاهر أن الشهادة على الإقرار المطلق مقبولة. وقد ذكرنا قولاً على طريقة صاحب التقريب أنه لا بد من التعرض لذكر الشرائط. فإن فرعنا على ظاهر المذهب، فللقاضي أن يستفصل، وله أن يترك الاسْتفصَال؛ إذ لو كان الاستفصال حقاً عليه، لأفضى إلى تكليف الشاهد ذكرَ الشرائط، وهذا هو القول البعيد الذي ذكره صاحب التقريب وليس


(١) في الأصل: أن.
(٢) في الأصل: من.