وادّعى البلوغَ بالسّن، ففي هذه الصورة احتمالٌ؛ من جهة أنا لا نتمكن من معرفة ذلك إلا من جهته، فيجوز أن يلتحق بادعاء الاحتلام، ويجوز أن يقال: لا يقبل؛ فإن هذا على الجملة ممَّا يمكن فرضُ الاطلاع عليه من غير جهته. وإذا تمهد هذا في أصلٍ، لم تُعتبر الصّورةُ النادرة، ولا يتبع الإنباتُ في مثل هذه الصّورَة؛ فإن سبب التعلق به في أولاد الكفار عُسرُ الرجوع إلى تواريخ ولادتهم، ولا يُتعلق بالإنبات في دعوى الاحتلام أصلاً.
ومما يتعلق النظر به أنا إذا قبلنا قولَه، وأمضيناه، ولم نر تحليفه لما ذكرناه، فلو ارتفع بالسن، وبلغ مبلغاً نستيقن بلوغَه فيه، فهل يجوز أن نحلفه الآن: أنه كان بالغاً حين ادعائه؟ الظّاهرُ أنا لا نحلّفه؛ فإنا أمضينا حكمَ قوله، ونُطنا به موجَبَه من غير توقف، وهذا يتضمن انفصالَ الخصومة، وانتهاءها نهايتَها. ويستحيل أن نعطف يميناً بعد تطاول الزمن على خصومةٍ منفصلة. هذا ما نراه. والعلم عند الله.
فروع:
٤٤٥٥ - الإقرار بأعيان الأملاك مقبول. وإنَّما يقبل ممّن كان على ظاهر الملك، وكان متمكناً باليد، والمخايل المعتبرة الدالة على الملك. ويستحيل في وضع الإقرار تقديرُ امتدادِ ملك المقر إلى وقت الإقرار؛ فإنه لو كان كذلك، لكان كاذباً في إقراره لغيرهِ بالملك؛ من جهة أن الإقرار في نفسه لا يتضمن إزالة الملك، وإنما هو إخبار عن ثبوت الملك للمقَرّ له، وذلك يتضمن تقدم المخبَر على وقوع المخبِر لا محالة، فلو شهدت بينةٌ على أن فُلاناً أقر بأن الدّار التي في يده لفلانٍ، وكانت ملكَه إلى أن أقر بها، فهذه الشهادة باطلةٌ؛ فإنها متناقضةٌ. ولو صدر الإقرارُ على هذه الصيغة من المقر، نُظر: فإن قال: هذه الدارُ لفلانٍ، وكانت لي إلى إنشاء الإقرار، فإقراره بالملك نافذ، وقوله كانت لي إلى إنشاء الإقرار أمرٌ مُطّرحٌ. وهذا يلتحق بما لو قال: هذه الدار لفلان، وليست له.
ولو قال أولاً: هذه الدار لي، وهي في ملكي، وقد صارت الآن لفلان، فالإقرارُ في نفسِه باطِل، فإنه أنشأه على صيغة البُطلان.
وكذلك لو قال: داري هذه لفلان، أو ثوبي هذا المملوك لفلان، فهذا متناقض. وما ذكرناه في الإقرار بالأعيان.