للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الخلاف الذي ذكرناه في استلحاق المنفي باللعان، بعد موت الملاعن؛ فإنّ تكذيب أحدِ الاثنين محكومٌ به، كما أن نفي النسب محكوم به. وهذا الذي ذكره حسنٌ (١). وفيه احتمالٌ؛ من جهة أن من نفاه الأب باللعان، ففي إلحاقه بعد موته إلحاقُ عارٍ بنسبه. وهذا لا يتحقق في موت المكذب من الابنين.

٤٤٦٩ - ومن المسائل إذا أقرّ أحد الابنين، وكذّب الثاني، ثم مات المكذّب، ولم يخلف إلا أخاه المقِر، فهل يحكم الآن بثبوت نسب ذلك المقر به بما سبق من الإقرار؟ في المسألة وجهان: أحدهما - يثبت؛ لأن المكذب خرج من البين (٢)، وصار المقر مستغرقاً.

والثاني - لا يثبت؛ لأن تكذيب المكذب، ثبت، فلا يبطل أثره. ثم هذا القائل لا يفصل بين أن يجدد الابن الباقي إقراراً، وبين ألاّ يجدّد؛ فإن التعويل على أن التكذيب الثابت لا يقطعُ أثره بعد ثبوته.

٤٤٧٠ - ولو مات عن ابنين، فمات أحدهما، ثم أقر الآخر بابن لأبيه، قبل، وثبت النسبُ؛ لأنه لما أقر كان مُستغرقاً لميراثِ الأول والثاني، فهو خليفتهما، ولم يتقدم من الأخ الذي مات تكذيبٌ. ولو مات عن ابنين صغيرٍ وكبير، فأقر الكبير بنسبٍ، فقد أطلق بعض المحققين القول بأنا نحكم بثبوت النسب في الحال، ثم فرّع عليه. وقال: لو مات أحدُهما، ورثه الثاني، فلو بلغ ذلك الصبيُّ، ولم يكذب الكبيرَ، فذاك. وإن كذّبه، بان أنه لم يكن ثابتاً بإقراره. وهذا الكلام متناقضٌ؛ فإن ما يتعرض للوقف والتبيين، وللتبيين منتهىً منتظر، فلا معنى لإطلاق القول، [بنفوذ] (٣) الحكم، بل الوجه أن نقول: إذا أقر الكبير، لا نحكم بثبوت النسب، بل ننتظر ما تقتضيه العاقبة. ونقول على ذلك: لو مات المقر، أو المقر له قبل بلوغ


(١) في هامش الأصل: "حاشية: الأصح في المسألتين ثبوت النسب؛ لأنه كمل شروط الإقرار، والله أعلم.
وكذا في المسالة الثالثة، وهو كون المكذب لم يخلف غير المصدق".
(٢) البين. هذه اللفظة من ألفاظ الإمام التي ذكرها مرات في هذا الكتاب، ويفهم معناها من السياق. وإن لم نجد لها تخريجاً في المعاجم.
(٣) في الأصل: "ونفوذ". والمثبت تصرّفٌ من المحقق.