للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلو أراد المعير قلع بناءِ المستعير وغراسِه مجاناً، فليس له ذلك؛ فإن فيه إضراراً بيّناً (١)، ولو أن المستعير بدا له أن يقلع بنفسه، فلا معترض عليه، وإذا قلع، فهل يلزمه (٢) تسوية حفر الأرض؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يلزمه ذلك؛ فإنه هو الذي اختار القلعَ، وإيقاعَه، وأحدث بما أراده أخاديد في الأرض، فيلزمه أن يطمها، ويرد الأرض إلى ما كانت.

والوجه الثاني - لا يلزمه ذلك، فإنّ في ضمن الإعارة تسليط المستعير على الإبقاء إن أراد، والنزعِ إن شاء، وليس من موجَب الإعارة إلزامُ المستعير الإبقاء. فإذا تبين اقتضاءُ الإعارة ما ذكرناه، فالذي فعله المستعير، فهو مأذون فيه، فإن ترتب عليه حصول نقصٍ في الأرض، كان بمثابة ما ينسحق من الثوب بالبلى، مع الاقتصاد في اللُّبس.

نعم، لو حفر عند القلع حفائر، لا يحتاج إليها، لزمه تداركها.

٤٥٢٦ - ولو أراد المعير أن يقلع على المستعير بناءه وغراسه، فله ذلك، ولكنه يغرَم ما ينقصه القلع، وهو تفاوت ما بين البناء والغراس قائماً ومقلوعاً. والسبب فيه أن الإعارة برٌّ ومكرمة، فلو كان عقباها تخسير المستعير، لكانت حائدةً عن وضعها، والمطلوبِ بها، ولكان المستعير مغرراً بماله، ولا سبيل إلى ذلك.

فإذا اختار المعير القلعَ وضمانَ الأرش (٣)، فالمستعير محمول على هذا، شاء أم أبى.

قال ابن سريج: للمعير الخيار بين ثلاثة أشياء: القلع وضمان الأرش، أو أخذ

البناء والغراس، بالقيمة، وحمل المستعير على بيعهما منه بثمنهما قائمين، أو تبقيتهما في الأرض وإلزام المستعير أجرةَ المثل في مستقبل الزمان. وأي الأشياء


(١) في الأصل: إضرار بين.
(٢) في هامش (ت ٢) ما نصه: حاشية: صحح الإمام الرافعي في الشرح أنه يلزمه تسوية الأرض، ووافقه الشيخ محيي الدين النووي على تصحيحه، ونبه عليه. وصحح في المحرر أنه لا يلزمه تسوية الأرض. واستدركه النووي في مختصر المحرر. والله أعلم.
(٣) (ت ٢): الأرض.