وحق الناظر في الفصل أن يضم تلك الفصول إلى هذا الموضع.
٤٥٢٩ - ومما يتعلق بما نحن فيه أن المستعير لو قال: قيمة بنائي ألفٌ، وقيمة العرصة مائة، فبيعوا العرصة مني، ولا تكلفوني أن أبيع بنائي. قلنا: لا يجاب إلى ذلد؛ فإن العرصة وإن قلت قيمتها، لا تتبع البناء، بل البناء يتبع العرصة. ولا نظر إلى القيمة. هذا اتفاق الأصحاب.
ولو اتفقا على بيع العرصة والبناء، لساغ ذلك، ثم في كيفية تقسيط الثمن على العرصة والبناء القائم كلامٌ للأصحاب، قدمته في كتاب التفليس وغيره، فليطلبها الطالب، وحاصله أنا نبغي قسمة الثمن على قيمة العرصة مشغولةً، وعلى قيمة الأشجار قائمةً، وفي كيفية ذلك تفصيل قدمتُه واختلافٌ للأصحاب، وهو بمثابة ما لو اشترى الرجل عرصة، وبنى فيها، ثم أفلس بالثمن. والجامع أن حق الرجوع ثابتٌ ثَمَّ بالفلس، وهاهنا بمقتضى الإعارة، والإحباط مجتنبٌ في البابين.
ولو أراد المعير أن يمنع المستعير من دخول الدار التي بناها، فله ذلك، وللمعير أن يدخل تلك العرصة؛ فإنها ملكه، ولا يستند إلى الجدارات؛ فإنها ملك المستعير، ولا يتكىء عليها، ولا يمنع من الاستظلال بالسقوف.
فإن قيل: هذا يضاهي قلعَ بنائه مجاناً، قلنا: المحذور أن يُحبط ملكَ المستعير في رجوعه، فأما أن يمنعه من الانتفاع بالعرصة، وينتفع هو بالعرصة، فلا منع في ذلك.
ولو مست حاجة المستعير إلى دخول الدار لمرمّة الجدار، أو لاجتناء الثمار، ففي المسألة وجهان: أحدهما - ليس له ذلك؛ لأن العرصة ملك الغير. وهذا سرفٌ وفيه إرهاقٌ (١) إلى هدم البناء، وتعطيلِ الثمار. والصحيح أنه لا يُمنع من القدر الذي ذكرناه.
وللمعير بيع العرصة؛ لأنها مملوكةٌ له ملكاً مستقراً.
والمستعير لو أراد بيع البناء قائماً من غير المعير بغير إذنه، ففي صحة بيعه وجهان: أحدهما - أنه باطل؛ فإنه عرضة للنقض والقلع. والثاني - أنه صحيح؛ فإنه متصرف في حق نفسه، وتعرضُه للنقض لا يزيد على تعرض بيع المشتري للشقص