وإن كان أرش الشجة من الإبل، فجرت المصالحة على شقصٍ، فإن لم يكن المتصالحان عالمين بما يعتبر في أرش تلك الجناية، في أسنان الإبل وصفاتها المرعية، في التغليظ والتخفيف، فالصلح باطلٌ.
وإن كانا عالمين بما يقتضيه الشرع من السن والصفة والمقدار، ففي صحة الصلح وجهان مشهوران: أحدهما - أنه لا يصح؛ لأن المذكور في أروش الجناياتِ، وفي الديات الأسنانُ وطرف من رعاية نوع الإبل في كل قبيلة، ولا يقع الاكتفاء بهذا في إعلام الأعواض.
والثاني - يصح الصلح؛ فإن ما اقتضاه الشرع إعلامٌ على الجملة، وليس الأرش في حكم المصالحة واجبَ الاستيفاء، بل الغرض سقوطه إلى البدل المذكور على الإعلام المشروط، وقد تكرر هذا في مواضع.
فإن حكمنا بفساد الصلح، فلا شفعة، وإن حكمنا بصحة الصلح، ففي ثبوت الشفعة وجهان: أحدهما - أن الشفعة تثبت بناءً على صحة الصلح. والثاني - لا تثبت؛ فإن الأرش ساقط في الصلح مستوفىً من الشفيع، واستيفاء المجهول عسر، وقد ذكرنا أن الشفعة لا تثبت مع جهالة العوض في ظاهر المذهب؛ فإن أسقطنا الشفعة، فلا كلام، وأن أثبتناها، أخذ الشفيع الشقص بقيمة الإبل الثابتة أرشاً، ثم السبيل في قيمتها النزول على قيمة ما يجزىء في الدية، وليس يخفى على الفقيه ما يجزىء في الدية. وإلى هذه القيمة نصير عند إعواز الإبل.
فإن قيل: أليس ذكرتم قولاً أن البدل عند إعواز الإبل [مقدّر](١) شرعاً، فهلا رجعتم إليه في حق الشفيع؟ قلنا: تقديرات الشرع في الديات، لا تتبع في أحكام المعاوضات، فليس إلا ما ذكرناه في اعتبار القيمة.
٤٨٢٣ - وكل هذا إذا كانت الشجة أو غيرها من الجناية موجبة للمال، فأما إذا كانت موجبةً للقصاص، وأرش مثلها من الإبل إذا لم يثبت القصاص، فإذا جرت مصالحة، تفرع ذلك على القولين في موجب العمد: فإن قلنا: موجبه المال أو