للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القود، ففي صحة المصالحة الوجهان المذكوران في الجناية المالية؛ فإن الصلح بمحض المال، فيقع الصلح عن المال. ثم يعود الترتيب بسبب جهالة الإبل.

فأما إذا قلنا: موجب العمد القودُ (١) المحض، فعلى هذا القول قولان في أن مطلق العفو (٢) هل يتضمن ثبوت المال، فإن قلنا: مطلَقه، يثبت المال، فالمصالحة تقع عن المال، ويخرج الوجهان كما تقدم. وإن قلنا: مطلق العفو لا يتضمن المالَ، فقد ذكر أصحابنا طريقين: منهم من قال: يقطع بصحة الصلح؛ فإن عوض الصلح القصاص، وهو معلوم، ومنهم من خرّج صحة الصلح على الوجهين، واحتج بفقةٍ لا يدفع، وهو أن الصلح على مالٍ عفوٌ عن القصاص على مال، [فلئن كان يظن ظان أن العفو المطلق لا يوجب المال، فالصلح على مالٍ عفوٌ على مال] (٣).

ويلزم في ترتيب المذهب ردُّ الأمر إلى الخلاف في صحة الصلح وفساده.

وهذا ينشأ عندي من أصلٍ، وهو أنا إذا قلنا: موجَب العمد القودُ المحضُ، فلو صالح عن القتل على مائتين من الإبل، فقد اختلف الأصحاب في صحة المصالحة، وحقيقة الاختلاف راجع إلى أن هذا بدلُ القصاص أو بدلُ المال الذي يتضمنه سقوطُ القصاص؟ فإن قلنا: إنه بدلُ القصاص، صح بالغاً ما بلغ، وإن قلنا: إنه بدلُ المال، فمقابلة مائةٍ من الإبل بمائتين مع التساوي في الصفة محالٌ.

فنقول: إن جعلنا القصاص بدلاً، فالوجه القطع بصحة المصالحة، وإن جعلنا البدل ما يتضمنه سقوط القصاص، فالصلح واقع على الأرش، فيخرّج على الخلاف.

وإن قلنا: موجب العمد أحدهما، فلا خلاف أن المرعي معنى المال، ثم وإن قطعنا بصحة الصلح، ففي الشفعة خلاف؛ من جهة أن الشفيع يأخذ الشقص، بالأرش لا محالة، وفي الأرش من الجهالة ما قدمناه.


(١) من هنا بدأ خرم في نسخة (ت ٢) مقداره ورقة واحدة.
(٢) (ي)، (هـ ٣): العقد.
(٣) ما بين المعقفين سقط من الأصل، ومن (هـ ٣). والمثبت من (ي) أما (ت ٢) فالورقة كلها مخرومة.