الصفقة عليه. فلو قال: أفسخ، وقال الشفيع: آخذ الشفعة، فأيهما أولى؟ فعلى وجهين ذكرنا نظيرهما في الرد بالعيب. ووجه هذا الوجه أن تقرير البيع على وجهه، غيرُ ممكنٍ لوصول المحاباة إلى الوارث، وتبقية شيء من المبيع موهوباً في يد المشتري بعيدٌ جداً، فلا وجه إلا التغيير الذي ذكرناه، وبناء التخيير عليه.
والوجه الثالث في أصل المسألة- أن البيع باطل، فإنا لو صححناه، لتقابل فيه أحكامٌ متضادة، لا سبيل إلى التزام شيء منها، فالوجه إبطال البيع، لتناقض مضمونه.
والوجه الرابع- أن البيع يصح، ويثبت، ولا شفعة؛ فإنا لو أثبتناها، لزم من إثباتها تصحيحُ الوصية لوارث، وإن غيرنا البيعَ عن مضمونه، كان تحكماً بما يخالف قياسَ الأصول، فأقرب الأمور قطعُ الشفعة.
هذه أجوبة ابن سريج.
والوجه الخامس بعدها- أن البيع يصح، ويأخذ الشفيع الشفعة، مع المحاباة، ولا يكون ذلك وصيةً لوارث؛ فإنه يتلقى الملكَ من المشتري، لا من البائع المحابي، فليأخذ الشقص بكماله بألفٍ.
وهذا قد يبتدره الكيّس، ويراه قياساً، ولكنه حسيكة في صدور الفقهاء، لما نبهنا عليه، من أن هذا إثباتُ محاباةٍ في حق الوارثِ، على قهرٍ، من غير أن يتعلق باختيار المتوسط في البين. وقول القائل: إنه يتلقَى من المشتري إنما يستقيم لو طلب خيارَ الشراء، وربط الأمر برضاه.
ومع هذا كلِّه أعدلُ الوجوه هذا الخامس، فليس (١) فيه خروج عن قانون إلا ما ذكرناه من وصول المحاباة إليهِ، وسبيل الجواب عنه أن المحاباة تثبت في حق المشتري ثبوتاً معقولاً، ثم ابتنى عليه أخذ الشفيع، فإن لم يكن بد من احتمال شيءٍ في هذه المسألة الحائدة، فما ذكرناهُ أقرب محتمل. والعلم عند الله.
فرع:
٤٨٢٧ - إذا شهد البائعُ على عفو الشفيع عن الشفعة، قال الأصحاب: إن كان ذلك قبل قبض الثمن، فلا تقبل شهادته؛ فإنه إذا لم يقبض الثمن يبقى له عُلقه في