ولو قبض الثمن، وشهد على العفو بعد ذلك، ففي المسألة وجهان: أحدهما - لا تقبل شهادته؛ فإنه يتوقع فيه تراد ورجوع إلى العين، بسببٍ من الأسباب. والوجه الثاني- أن شهادته مقبولة؛ فإن حكم العقد إذا انتهى إلى تقابل العوضين أنه بلغ غاية المقصود، فلا تعويل بعد ذلك على تقديراتٍ من طريق التوقع، وهذا التفصيل لصاحب التقريب.
فرع:
٤٨٢٨ - إذا شهد شاهدان أن الشفيع أخذ الشقص بالشفعة، وكان الشقص في يد الشفيع، وشهد شاهدان أقامهما المشتري أن الشفيع عفا عن الشفعة، وأبطل حقه منها، فقد ذكر شيخي وجهين: أحدهما - أن بينة الشفيع أولى؛ لمطابقتها ظاهر اليد.
والوجه الثاني - أن بينة المشتري أولى؛ فإنها تُثبت العفوَ، ولم يعارضها في مقصودها شيء، ومعارضتها -لو قدرت- نفيٌ، ولا شهادةَ على النفي، وسبيل امتحان ذلك أن الأخَذ بظاهر الشفعة ممكن مع تقدّم (١) العفو سراً، بحيث اطلع عليهِ شاهدان.
وهذا الوجه، لا وجه غيره، وما سواه غير معتد به.
فرع:
٤٨٢٩ - قال صاحب التقريب: إذا كان في يد العبد المأذونِ له في التجارة شقصٌ، فبيع الشقص الثاني، فأراد المأذون أخْذَه بالشفعة، وكانت التجارة تقتضي أخْذه، فله أن يأخذه، ولا حاجة إلى إذنٍ مجدد؛ إذ يعدُّ ذلك من التجارة.
ولو عفا السيد عن الشفعة، سقطت الشفعة؛ فإن الحق في الحقيقة له، وسواءٌ كان على العبد ديون، أو لم يكن؛ فإن الشفعة تسقط بإسقاط المولى.
وإنما قلنا ذلك؛ لأن الشفعة حق اعتياض، وللسيد منع عبده من الاعتياض في المستقبل؛ إذ لو نهاه عن التصرف، لصار محجوراً عليهِ، وإن كان عليه ديون، ولو أقدم على التصرف، لاستفاد ربحاً في غالب الظن، ولكن لا نظر إلى هذا.