للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليس كذلك لو أراد أن يتبرَّع بشيء ممّا في يد المأذون، وقد أحاطت به الديون؛ فإنه تبرعٌ بعين مالٍ تعلقت به ديون، والشفعة ليست عينَ مالٍ، وإنما هي حيث تثبت استحقاقُ اعتياض. وقد ذكرنا أن العبد لا يستحق ذلك أبداً، لا لنفسه ولا بسبب غرمائه.

فإن قيل: أليست الشفعة موروثة كحق الرد بالعيب، ثم المولى بعد إحاطة الديون بالعبد، لو أراد الرضا بالعيب، فقد لا يكون له ذلك على الإطلاق.

قلنا: أمّا جريان الإرث في الشفعة، فلا متعلق فيه مع إجرائنا الإرث في خيار الشرط، وغيره من حقوق العقد، وأما الرد بالعيب، فقد فصلنا القول فيه في عهدة المأذون، وبالجملة إن كان عفو السيد متضمناً احتمالَ حطيطةٍ وغبينة، فعفوه مردود، إذا كان لا يبذل للغرماء مثل ما يحط. وقد مضى في مسائل المأذون.

فرع:

٤٨٣٠ - الشريك إذا وجد الشقص المشفوع الذي كان لشريكه في يد إنسان، فقال صاحب اليد: قد اشتريت هذا الشقص، من فلان الغائب، وسمى شريكه، فذكر صاحب التقريب فيه قولين عن ابن سريج: أحدهما - أن الشفيع يأخذ الشقص بالشفعة، بناء على إقرار صاحب اليد، ثم الغائب إذا رجع، فهو على حجته إن أنكر، وجحد.

والقول الثاني- أنه لا يأخذ الشقص من المُقر؛ فإنه أسند البيع إلى غائبٍ، ولكن القاضي يكتب إلى البلدة التي بها البائع، ويبحث عن إقراره، فإن أقر، وثبت ذلك عنده بطريق ثبوت الأقارير في مجالس القضاة، أثبت الشفعة، وإن لم يثبت، توقف، وقرر الشقص موقوفاً، إلى أن يبين الأمر.

وهذا التردد الذي ذكره ابنُ سريج خصصه بالشفعة، ولم يصر أصلاً إلى إزالة يد من يدعي الشراء، ولا يجوز أن يكون في هذا خلاف؛ فإن الأيدي نراها تتبدل، ولا نتعرض لها، ثم كما لا نتعرض لأصحاب الأيدي كذلك لا نتعرض لانتفاعهم بما في أيديهم. وهذا أصل لا نصادمه، وهو مجمع عليه، ولا هجوم على مواقع الإجماع.