للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من غير تجارة، فإذا ضُم شرطُ النقل إلى التجارة، كان عملاً ممتازاً عن التجارة، فيفسد القراض. وسنذكر أن رب المال لو أذن له في السفر، فلا بأس، ولكن هذا جرى رفعاً للحرج عنه، من غير اشتراط عملٍ سوى التجارة. هذا ما ذهب إليه جماهير الأصحاب.

وكان شيخي يحكي عن طوائفَ من المحققين، منهم الأستاذ أبو إسحاق: أنَّ شرط المسافرة في الثمار الثقيلة (١) والأموال التي لها قدر، ليس مما يؤثِّر في القراض، بل الباب الأعظم في التجارة المسافرة، وهذا حَسنٌ متجه إذا لم يُبْنَ الأمرُ على نقل المال مقصوداً إلى موضعٍ؛ فإن التجارة ليست بيعاً وشراءً فحسب، وقد يتصل بها أعمال من الطي والنشر [والحرز] (٢) ونفض الثياب، والحفظ، وما في معانيها.

وهذه الأعمال يمكن [تقدير] (٣) إفرادها من غير تجارة، ولكن إذا اتصلت بالتجارة، عُدّت من توابعها، فليكن المسافرةُ منها.

فتحصَّل مما ذكرناه اختلافٌ بين الأصحاب، فمنهم من أبى شرط السفر، واعتقده مُفسداً، وجوّز ذكرَ السفر في معرض رفع الحجر، ومنهم من جوز شرطَ السفر، كما ذكرناه، إذا كان السفر معدوداً من توابع التجارة.

٤٨٥٥ - ومن المسائل أنه لو دفع إلى العامل ألفاً وقال: اشتر بها حنطةً، واطحنها، واخبزها، وبع الخبز، والربحُ بيننا، فلا يصح القراض؛ لأنه شرط عليه (٤) عملاً وراء التصرف، والمطلوبُ من عقد القراض التصرفُ، وما يقع تابعاً له، كالحفظ والحَرْز وما في معناهما، والطحنُ والخَبزُ عملان مقصودان، وقد أوضحنا انحصار هذه المعاملة في ابتغاء الربح، بالحذاقة في التصرف والكَيْس في التجارة، فأما أن يعمل عملاً آخر يتعلق بالحِرف، فليس ذلك من مقاصد القراض.

وإذا اشترط في القراض أفسده، وهذا متفق عليه.


(١) في (ي)، (هـ ٣): التجاير النقلية.
(٢) الحرز: الصيانة. وفي الأصل: والحزز، وفي (ي): الحرن.
(٣) زيادة من: (ي)، (هـ ٣).
(٤) عليه: أي على العامل.