للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والدليل عليه أن ما على الغير إذا كان استوفاه المأمور، فإنه يحصل في يد المستوفي ملكاً للآمر، وما على الإنسان إذا أحضره لا يصير ملكاً لمستحق الدين، فلا وجه لصحة المعاملة.

ويتصل بهذا أنه إذا قال: عاملتك على ما لي على فلان، فاقبضْه، وتصرف فيه، ولك من الربح كذا، فالمعاملة فاسدة، كما تقدم، ولكن إذا قبض ما على فلان، وافتتح التصرفَ فيه، نفذ تصرفُه لوقوعه على حسب الإذن، والقراض الفاسد أثرُ فساده في خروجه عن الوضع، وبطلانِ ما وقع التشارط عليه في تجزئة الربح، أما التصرف، فمعتمدُ نفوذِه الإذنُ من المالك، فلا فساد منه، ثم ما يحصل من ربح في المعاملة الفاسدة، فهو بجملته لمالك أصل المال، وللعامل أجرُ مثل عمله، كما سنذكر ذلك على أثر نجاز القولِ في الأركان، إن شاء الله عز وجل.

هذا فيه إذا قال: قارضتك على ما لي على فلان، فاقبضه وتصرف فيه، فأما إذا قال: عاملتك على ما لي عليك، فحصّله، وتصرف فيه، فما يحصّله ويحضره لا يدخل في ملك الآمر، ويبقى ملكاً له. فإذا تصرف فيه، [لزم] (١) تخريجُ ذلك على أصلٍ قدمناه.

٤٨٥٩ - ونحن نذكر مزيدَ تفصيل فيه، ثم نعودُ إلى غرضنا من هذه المسألة التي انتهينا إليها.

فإذا قال الرجل لصاحبه: اشتر لي بثوبك هذا الحمارَ، وأشار إلى حمارٍ لإنسان، فإذا اشترى ذلك الحمارَ بذلك الثوب، فلا يخلو إما أن يسمي في العقد الآمرَ، وينسبَ الشراء إليه، أو ينويه ولا يسميه. فإن سماه، ففي وقوع الشراء له وجهان: أحدهما - يقع له؛ لأنه اشتراه له بأمره، فعلى هذا ما حكم الثوب الذي يتعين في العقد؟ وجهان: أحدهما - أنه هبة، فكأنه وهب منه الثوب، في ضمن هذا التصرف، وأقْبَضه، ثم توكّل عنه في شراء الحمارِ به. والثاني - أن يقدره قرضاً، فكأنه أقرضه، ثم التقدير بعده على ما ذكرناه، هذا أحد الوجهين. والوجه الثاني - في الأصل أن


(١) سقطت من الأصل.