نفسه، وإن حصّل الدراهم واشترى بأعيانها شيئاً، فهو بمثابة ما لو اشترى للآمر مالاً بعين مال نفسه، [وقد تفصَّل](١) القولُ في هذه المسائل.
٤٨٦٢ - ولو قال: خذ هذه العين، وأشار إلى سلعة، فبعها، وقد قارضتك على ثمنها، فقد نص الشافعي على فساد القراض، والنص يعضد ما قدمناه.
ولو قال: قارضتك على ألف درهم، وذكر شرائطَ القراض، وأحضر الألفَ في المجلس، فقد قال القاضي رضي الله عنه: يصح ذلك، وتُحتمل غَيْبةُ الألف حالة العقد، إذا حصل التَّنْجيزُ في المجلس، ولو فارق المجلسَ، ثم حصّل الدراهم، لم يصح، ولا بد من تجديد عقدٍ بعد تحصيلها.
وما ذكره حقٌّ، لا دفع له، ولا يجوز أن يكون فيه خلاف؛ فإن من باع درهماً بدرهم، وأجرى ذكرهما على الإطلاق، ثم أُحضر الدرهمان، وجرى التقابض فيهما قبل التفرق، صح العقدُ. ولا يجوز بيعُ الدراهم بالدراهم ديناً بدين، ولكن إذا جرى التعيين في المجلس، فالحكم له. كذلك القول في إحضار الدراهم في المجلس في غرضنا من القراض. وقد تم بيان هذا الركن.
٤٨٦٣ - الركن الثالث من أركان القراض: أنه يجب تسليم مال القراض إلى العامل
وتثبت اليد له فيه على التمحُّض من غير مشاركة. وهذا متفق عليه بين الأصحاب.
فلو قال رب المال: يكون الكيس في يدي، وأنت تتصرف وتشتري، وإذا احتجت إلى الثمن، جئتني فنقدتُه، فلا يصح القراض على هذا الوجه. والسببُ فيه أن مبنى هذه المعاملة على الاتساع في طرق تحصيل الربح، والشرعُ إنما احتمل ما في القراض من الجهالة لهذا السبب وإذا لم يكن المال في يد العامل، لم يحصل غرض الاستنماء على الاتساع المطلوب في بابه، والاستمكان المشروط في أسبابه؛ فإن السلعةَ قد تحضر فيتخيّل العامل فيها منفعة، ولو وقف صاحبها حتى يطلب المالَ، لفات المتجَرُ. وهذا ظاهرُ الوقوعِ، ولو انفرد العامل باليد، وكان المال حاضراً معه، لم تفته هذه الأسباب. والتجايرُ فُرَصٌ تمر مرّ السحاب.