للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو قال المالك: أتصرف معك، كان هذا مفسداً للقراض؛ من جهة أن تصرف المالك يُضعفُ ويوهي يدَ العاملِ، ويخرجه عن الاستقلال ويحوجه إلى المراجعة.

وكل ذلك يَنْقُص من بسطته في التصرف.

٤٨٦٤ - ومما يتصل بهذا الركن قول الشافعي: "ولو قارضه، وجعل معه غلامَه ... إلى آخره" (١).

فنقول: إذا شرط ربُّ المال أن يعمل مع العامل، فهذا فاسدٌ لما ذكرناه، ولو شرط أن يعمل مع العامل غُلامُه؛ يعني غلامَ المالك، فالنص في القراض والمساقاة أن ذلك جائز، أما المساقاة فنتركها إلى موضعها. وأما القراض، فتفصيل القول فيه أنه إذا لم يشترط أن يكون المال في يد عبده، وأثبت للعامل منصبَ الاستقلال بالتصرف، ولم يشترط عليه مراجعةَ العبد، وأقام العبدَ مُعيناً له ليخدمه في الجهات التي يحتاج إلى خدمته فيها، فظاهر النص أن شرط ذلك لا يُفسد العقدَ؛ لأنه ليس مناقضاً لمقصود المعاملة، وفي تصوير المسألة تقرير ذلك.

ومن أصحابنا من قال: إذا شرط أن يكون عبده معه في تصرفاته، وإن كان لا يراجعه فيما يريد الاستقلال به، فالشرط فاسد مفسد؛ من قِبل أن يدَ العبد يدُ مولاه، فيكون العبدُ معه بمثابة كون السيد معه، ولو شرط أن يكون معه بنفسه، لفسدت المعاملة؛ لأن اليد يتطرق الانقسام إليها، فكذلك القول في العبد.

ومن أصحابنا من قال: لا يضرُّ كون العبد معه؛ فإنه مستخدَمُ المقارض، ومن استأجر عبداً، أو استعاره، فيدُ العبد المستخدَمِ بجهة الاستعارة، أو جهةِ الإجارة يدُ المستخدِم بالجهتين، لا يدُ مالكِ العبد، ولهذا تُجعل الدار المستأجرة والمستعارة حرزينِ للمستأجر والمستعير، في أحكام السرقة. ومحل الخلاف فيه إذا لم يكن على المقارض حجرٌ من جهة العبد ولم يُلزمْه مالكُ العبد مراجعةَ العبد في [حَرْز] (٢) المال، ولا في التصرفات، فلو جرى حجر من هذه الفنون، لفسد القراض بسبب


(١) ر. المختصر: ٣/ ٦١.
(٢) في الأصل، (هـ ٣): حزن.