للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحجر، كما سنصفه في الركن الذي يلي هذا الركن.

٤٨٦٥ - الركن الرابع: في بيان التعرض للتصرف المقصود بالقراض، ووضع هذا العقد على الاتساع في الاسترباح والاستنماء، كما قررناه مراراً. والتصرف من قبيل التجارة لا غير؛ فإن سائر الجهات في المكاسب يتيسر تحصيلها بالاستئجار، بخلاف التجارة، فليكن مقصود القراض التجارة المتسعةَ المضطرب من غير حجرٍ يتضمن تضييقاً ظاهراً، ولسنا نشترط التفويض المطلق الذي لا احتكام فيه للمالك، فإنه لو قال: عاملتك على هذه الدنانير على ألا تتّجر إلا في الثياب، جاز؛ لأن فيها متسعاً رحباً، وكذلك قد يُعيّن صنفاً من الثياب يعم وجوده، ويظهر توقع الاسترباح فيه، فيجوز القراض.

ولو عيّن شيئاً يعزّ وجودُه، ولا يتسع المتجر فيه، لم تصح المعاملة. والتعويل في النفي والإثبات على ما نبهنا عليه.

ومما يجب التنبيه له الآن أن القراض يشتمل على معنى التوكيل في التصرف، وإن كان يؤول في منتهاه إلى الشركة عند ظهور الربح، كما سنصف ذلك.

وقد ذكرنا في كتاب الوكالة أن الوكالة الخاصة أولى بالصحة من الوكالة العامة، حتى لو أفرط العموم، فقد نقول: لا يصح التوكيل، والسبب في البابين أن الوكيل يقول ويعمل لموكِّله نائباً عنه، لا حظ له [في تصرفه] (١)، والقياس أن يتصرف المرء لنفسه بنفسه، وإنما أقام الشرع الوكلاء مقام الموكِّلين لمسيس الحاجة إلى الاستنابة [في بعض الأمور، وهذا إنما يظهر في الأشغال الخاصة، والقراضُ لا ينبني على الاستنابة] (٢) المحضة، وإنما هي معاملةٌ مالية يتعلق بها غرض رب المالِ والعاملِ، فحصولُ الغرضِ فيه يستدعي انطلاقاً في التصرف، وانبساطاً في جهات الاسترباح، وانتهى الأمر فيه إلى [تخصيص] (٣) المعاملة في أول الوضع بما هو ذريعة إلى تحصيل المقاصدِ جُمَعٍ، من غير تربصٍ لارتفاع الأسواق.


(١) ساقط من الأصل.
(٢) ما بين المعقفين سقط من الأصل.
(٣) في الأصل: التخصيص.