للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الأئمة في تمهيد هذا الأصل: لو قال رب المال لا تبع إلا من فلان، أو لا تشتر إلا من فلان، فهذا يفسد القراض؛ فإنه حَجْر بيّن، وإذا تبين ذلك المعيَّن أن الأمرَ مرْدودٌ إليه، احتكم بائعاً ومشترياً، وفسد نظام المعاملة.

وقالوا: [لو] (١) قال: لا تتصرف حتى تستشير فلاناً وتستضيء برأيه، فالمعاملة تفسُد؛ من جهة أنه قد لا يصادفه إذا حانت متجرةٌ وتعرضت للفوات، ولهذا شرطنا في صحة المعاملة انفرادَ العامل باليد، وكذلك لو قال: لا تنفرد بشيء من التصرف حتى تراجعني، فهذا مفسدٌ.

والقراض كما يقتضي انفرادَ العامل باليد يقتضي انفراده بالتصرف؛ فإن اليد لا تُعنى لعينها، وإنما شرطنا استقلاله بها، ليكون مادة لانبساطه، فكيف يسوغ الحجر عليه في عين (٢) التصرف؟ فإن قيل: قد أطلق الأصحاب جواز مقارضة الرجل الواحد رجلين، وسيأتي ذلك في تفاصيل المسائل، إن شاء الله تعالى؟ قلنا: هذه المسألة فيها تفصيل، فإن قارض رجلين وشرط أن لا يستقل واحدٌ منهما بالتصرف دون صاحبه، فالذي يدل عليه ظاهرُ كلام الأصحاب أن ذلك فاسدٌ، وإذا كنا نفسد القراض بأن يشترط على العامل أن يراجع رجلاً بعينه، فلا شك أن هذا المعنى يتحقق فيه، إذا ارتبط التصرف برجلين لا ينفذ دون اجتماعهما.

ولو قارض رجلين وأثبت لكل واحد منهما الاستقلالَ بالتصرف، فهذا هو الذي جوزه الأصحاب، وفيه كلامٌ وإشكالٌ، ليس هذا موضعه. وسيأتي ذلك مفصلاً في أثناء الكتاب، إن شاء الله تعالى.

هذا قولنا في إطلاق تصرف العامل على الانبساط، مع منع الحجر عليه، بما يؤدي تضييق المجال في [طريق] (٣) المتاجر (٤).

٤٨٦٦ - الركن الخامس في القراض: في التعرض للإطلاق والتأقيت:


(١) سقطت من الأصل.
(٢) (ي)، (هـ ٣): معنى.
(٣) في الأصل: تضييق.
(٤) في (ي)، (هـ ٣): "المتَّجِر".