للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يختلف الأئمة في أن إطلاقَ القراض، وتركَ التأقيت فيه موضوع المعاملة، وأول ما نذكره أن التأقيت ليس شرطاً في هذه المعاملة، بخلاف المساقاة، والسبب فيه أن المقصود من أعمال المساقاة تحويه المدة، فلا بد منها لحصول الإعلام، والمقصود من القراض تحصيل الربح، ولا ضبط له، وهو في غالب الأمر يتعلق باتفاقاتٍ، لا تنضبط، وتوقعات لا تنحصر. هذا قولنا في أن التأقيت ليس شرطاً في القراض.

ونحن نتكلم وراء ذلك، في أن التأقيت هل يبطل القراض؟ وقد اضطربت طرق الأصحاب، ونحن نأتي بترتيب يجمع ويحوي الغرض. قال العراقيون: إن أقّت ربُّ المال بيعَ المقارض للسلع، فالتأقيت فاسدٌ مفسد، مثل أن يقول: تبيعُ العروضَ وتردها إلى الناضّ في سنة، ولا تبعْ بعدها. هذا فاسدٌ؛ من جهة أنه قد لا يجد للعروض زبوناً في المدة المضروبة. فإذا فرض ارتفاع القراض بالتفاسخ، فيبقى العامل مطالباً ببيع العروض، وتنضيضها؛ إذ لا تتأتى المفاصلة إلا كذلك، فلا وجه إذاً للمنع من البيع، ولا لتأقيته.

وإن ذكر التأقيت في شراء الأمتعة، مثل أن يقول: تشتري من الأمتعة ما تراه في سنة، فإذا انقضت، لم تزد في الشراء وتفتتح البيعَ - من غير مدة، ففي ذلك وجهان ذكرهما العراقيون: أصحهما- أن القراض يصح على هذا الوجه؛ فإنه ليس في هذا التأقيت ما ينافي مقصودَ العقد، ولا حجراً، ينقص من البسطة المرعية.

والوجه الثاني- أن القراض يفسد بالتأقيت؛ فإن مبناه في وضع الشرع على الإطلاق، وهذا أسنده العراقيون إلى أبي الطيب بن سلمة.

ولو قال قارضتك [سنة] (١) ولم يتعرض لتأقيت البيع، ولا تأقيت الشراء، ولكن ذكر التأقيت مضافاً إلى القراض، ففي المسألة وجهان: من أصحابنا من جعل هذا كالتصريح بتأقيت البيع، حتى يفسد القراض. ومنهم من جعله كالتصريح بتأقيت الشراء حتى يُخرَّجَ على الوجهين المذكورين.

هذا هو الترتيب الجامع في الباب.


(١) في الأصل: منه.