٤٨٦٧ - ومن تمام البيان في ذلك أنّا إذا صححنا تأقيت الشراء، فالشرط أن يذكر وقتاً يتأتى فيه الانبساط في الشراء على موافقة غرض الاسترباح، حتى لو قال: قارضتك على أن تشتري في ساعةٍ من نهار، لا يصح، فإن هذا المقدارَ من الزمان لا يسع من الشراء ما يوافق في غالب الأمر، ويُثبت متسعاً في التجارة.
ومما نُلحقه بهذا الركن أن المالك لو عيّن للعامل شراء ضربٍ من العروض يوجد غالباً في فصول السنة، فذاك. وإن عيّن ما يختص وجودُه ببعض فصول السنة، كالرطب والفواكه الرطبة، ففي الاتجار في هذا الضرب متسع لا ننكره، ولكن إذا انحصر وجوده في بعض الأزمنة فينحصر البيع فيها لا محالة، وذكرها مع هذا التنبيه يتضمن تأقيت البيع. وقد ذكرنا أن تأقيت البيع ينافي صحة القراض، فاختلف لذلك أصحابنا، فذهب بعضهم إلى منع القراض، لما أشرنا إليه، وذهب آخرون إلى صحة القراض؛ فإن بيع الرطب في أوانه يتنجَّزُ، وليس مما يُبنى الأمر فيه على تربص، حتى يُحملَ تأقيتُ البيع على تضييقٍ في التجارة، من حيث يخالف التربصَ المعتاد في السلع، فإذا كان الغالب انتجاز البيع، وإن فرض وقوفُه في بعض السنة، فهو غير مُكترَثٍ به في العادة، فلا حكم لتأقيت البيع، ولم يختلف أصحابنا أنه لو قال: اتَّجِرْ في البطيخ مادام، فإذا انقضى، ففي غيره، جاز ذلك، ولم يمتنع. وإن كان الرطب متأقتَ البيعِ على ما ذكرناه ولكن لم يحمل ذلك على تضييق، وصح لأجله القراض، وهذا يقتضي تصحيح القراض مع الاقتصار عليه.
٤٨٦٨ - الركن السادس من أركان القراض: قسمةُ الربح على جُزئية صحيحة وحصر عِوض المقارض فيما يسمى له من الربح.
وبيان ذلك: أن رب المال والعامل ينبغي أن يتشارطا الربح بينهما على جزئيةٍ معلومة حالة المعاقدة، ويذكرا ذلك ذكْرَ العوض في مقابلة المعوَّضِ المطلوبِ من العامل، وهو عملُه، وعِوضُ عمله الجزءُ الذي يسمى له من الربح. فيقول رب المال: قارضتك، أو ضاربتك، أو عاملتك، على التصرف في هذا المال، ولك من ربحٍ يرزقه الله نصفه، ولي نصفه، أو لك ثلثه، ولي ثلثاه، على ما يتفقان عليه.