حاصل الشرط إلى اختصاص المالك بجميع الربح. وكذلك إذا شرط للعامل ربح صنفٍ، فقد لا يتفق غيرُه فيُفضي الشرطُ إلى اختصاص العامل بجميع الربح. وعلى هذا لو دفع إلى العامل ألفاً، ثم دفع إليه بعد ذلك ألفاً، وشرط تمييز أحدِ الألفين عن الثاني، فيما يتصل به من المعاملات، وقال: ما يتفق من الربح على الألف الأول، فهو لي. هذا غير جائزٍ، لما ذكرناه، وكذلك لو فرض تخصيص العامل.
ولو دفع إليه الألفين معاً، ثم قال: ربح أحد الألفين بكماله لي وربح الثاني لك.
قال ابن سريج: لا يصح هذا. وقال القاضي: الوجه عندي القطعُ بتصحيحه؛ إذ لا تمييز بين الألفين، ولا فرق بين أن يقول: نصفُ الربح لك، وبين أن يقول: ربح الألف من الألفين لك. وهذا الذي ذكره متَّجه حسنٌ، ولا وجه لما ذكره ابنُ سريج إلا فسادُ اللفظ؛ فإن الذي يقتضيه موجَب العقد قسمةُ الربح على الشيوع بين المالك والعامل، من غير تعرض في اللفظ لربح جزءٍ من رأس المال، فإذا قال: نصف ربح الألفين لك، فهذا جارٍ على الإشاعة. وإذا قال ربح أحد الألفين لك، فهذا يتضمن تخصيصاً غيرَ مُفيدٍ، فيفسد اللفظُ، والمعول في العقود على الألفاظ.
٤٨٧٣ - ولو قال: ثلث الربح لي، وثلثه لعبدي هذا، وثلثه لك، فقد أجمع الأصحاب على صحة العقد، وقَضَوْا بأن إضافة الثلث إلى العبد بمثابة إضافته إلى السيد، فكأنه قال: الثلثان من الربح لي والثلث لك. ولو قال: الثلث من الربح لي والثلث لزيد، وذكر شخصاً آخر، لا تعلق له بالمعاملة، فهذا الشرط فاسد؛ فإنه تضمَّن شرطَ الربح لمن ليس مالكاً لرأس المال، ولا عاملاً فيه. وكذلك لو شرط جزءاً من الربح، لمكاتبه، فهو فاسد أيضاً للمعنى الذي ذكرناه.
فإن قيل: إذا تبين ما يستحقه العامل، فقد وضح عِوضُ عمله، وحُكم الشرع صرفُ الباقي إلى المالك، فإن فرض فيما ليس عوضاً لعمل العامل فسادٌ، فليس لذلك الفساد تعلقٌ بمقصود العقد، فليرتفع ذلك الفساد، وليصح العقدُ.
قلنا: لو شرط العاملُ جزءاً من الربح لثالث، لم يخفَ على الفقيه كوْنُ ذلك فاسداً مفسداً إذا نشأ الشرط من جهة العامل، وإنما ينتفي الإشكالُ في هذا الطرف من جهة إمكان صدور الشرط عن غرضٍ للعامل، وإذا لاح هذا، ابتنى عليه التشارط من