للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجانبين؛ فإنّ في جريان التشارط ثبوت الشرط من جانب العامل لا محالة. فلو وجد شرطٌ من جانب المالك، وقبولٌ من العامل، فهو التشارط بعينه، فإن قبول الشرط من [العامل] (١) شرطٌ، وسرّ ذلك أن الربح في هذه المعاملة وإن كان مستنده رأسَ المال، فهو في حكم المحصَّل بعمل العامل، فإذا قُسم، فليقسم على وفق الشرع، وذلك بأن يُفرضَ بين المالك والعامل، فإن فرضت قسمةٌ، على خلاف هذه القضية، كانت مجانبةً لوضع الشرع، فالشرع إنما سوغّ هذه المعاملة للحاجة التي صدرنا الكتاب بها.

وكل ما ذكرناه فيه إذا أثبت الملك في مقدارٍ لثالث بحكم الشرط. فأما إذا قال: الثلث لك، والثلثان لي، وأنا أصرف أحد الثلثين إلى فلان، فهذا الآن شرطٌ منه وراء مقصود العقد، وهو في حكم وعدٍ منه، لم يتحكم به أحد عليه، فإن وفّى به كان جميلاً، وإن أبى، فهو على ملكه في القسط المشروط له.

٤٨٧٤ - ومما يتعلق بتمام البيان في هذا الركن: أن المالك لو شرط لنفسه سوى الجزء المسمى من الربح انتفاعاً ببعض أصناف الأموال، مثل: أن يقول: أركب دابةً تشتريها، أو ما جرى هذا المجرى، فهذا فاسدٌ؛ من جهة أنه ضم إلى الربح ما ليس في معناه. وإذا لاح هذا في جانب المالك، فهو في جانب العامل أوضح؛ فإن استحقاقه عن جهة [عوض] (٢) عمله، فإذا ضمَّ إلى الجزء المسمَّى له شيئاً، فسد العوض، فالمالك يستحق بأصل ملكه، فإذا فسد من المالك شرطُ مزيدٍ، فلأن يفسدَ هذا من جانب العامل أولى. وهذا الفصل يتضح عند ذكر تفصيل القول في أن المالك هل ينتفع بمال القراض انتفاعاً لا يضرُّ به. وسنأتي في ذلك بفصلٍ جامع، إن شاء الله عز وجل.

وقد نجزت الأركان التي أجريناها توطئةً للكتاب، وتمهيداً للقواعد، والمسائلُ بعدها نردُّها إلى ترتيب (السواد) (٣).


(١) في الأصل: القائل.
(٢) سقطت من الأصل.
(٣) السواد: المراد به مختصر المزني. كما تكرر مراراً.