عليه هاهنا أن له النفقةَ بالمعروف، ونص في رواية البويطي على أنه لا يستحق النفقة في مال القراض، فاختلف أصحابنا على طريقين، فمنهم من قطع بأنه لا نفقة له في مال القراض، وحمل نص الشافعي على المؤن المتجددة الراجعةِ إلى المال، كمؤنة الجمال وكذا الجمّال.
ومن أصحابنا من جعل المسألة على قولين: أحدهما - أنه لا يستحق النفقة من مال القراض، قياساً لحالة السفر على حالة الحضر. والثاني - أنه يستحق، لأنه بسفره هذا، احتبس عن سائر مكاسب نفسه، فانحصرت حركاته وسكناته في غرض مال القراض، بخلاف حالة الإقامة.
التفريع:
٤٨٧٧ - إن حكمنا بأنه لا يستحق النفقة، فلا كلام. وإن حكمنا بأنه يستحقها، ففي القدر قولان: أحدهما - أنه لا يستحق من النفقة إلا ما يزداد بسبب السفر؛ فإن هذا الزائد هو المتجدد بسبب السفر، وما سواه كان يطّرد في الحضر والسفر.
والقول الثاني- أنه يستحق جميعَ النفقة من مال القراض؛ فإنه سلم نفسه بالكلية إلى هذه الجهة، وقد ثبت أنها جهةُ استحقاق النفقة، فينبغي أن يستحق تمامَها، كالزوجة الحرة تُسلم نفسها إلى الزوج. ثم هذا القائل إنما يُثبت للعامل كمالَ النفقة، إذا كان سفره مقصوراً على مال القراض، فلو كان حمل مع نفسه مالاً لنفسه، أو لغيره، فالنفقة تقسط على مقدار المالين، فينفق من مال القراض قدر ما يخصّه، والباقي عليه في مال نفسه.
ثم اعتبر أئمتنا في هذا المنتهى مقدارَ المالين، ويجوز أن يعتبرَ مقدارُ العمل على المالين. وقد يكون المال المحمولُ مع مال القراض قليلَ المقدار من حيث القيمة، ولكنه ثقيلٌ كثير [التعب](١) فيتجه التوزيع على أجرة المثل في العملين. والله أعلم.
فرع:
٤٨٧٨ - إذا سافر بمال القراض إلى بلدة، فاتفق أن التقى العامل ورب المال
(١) في الأصل: الشغب. وفي (هـ ٣): يقبل كثير التعسف. والمثبت من (ي).