للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال الشافعي: "ولو اشترى، فله الرد بالعيب ... إلى آخره" (١).

٤٨٨٠ - قد ذكرنا أن الوكيل إذا اشترى لموكِّله شيئاً، واطلع على عيب قديم به، فله أن يرده بالعيب، ولا يحتاج في تنفيذ الرد إلى مراجعة الموكِّل، وإن كان لو رضي الموكل بذلك العيب، لامتنع من الوكيل الرد بعد رضاه. والسبب في هذا أنه لو أخر الرد، وهو ينتظر رأي موكِّله، فقد يرى الموكل الرد، ولو أراد الوكيل بعد الاطلاع على ذلك أن يرد، لامتنع عليه الرد، ولصار متطوّقاً لما اشتراه، والذي عامله قد لا يصدّقه في أنه وكيل، فيخرج منه أنه يصير ملتزماً لحكم العيب، فأثبتنا له الابتدارَ إلى الرد، لما ذكرناه.

ولو قال المردود عليه: قد رضي موكلك، فالقول قول الوكيل مع يمينه، يحلف بالله: أنه لا يعلم رضاه. وهذا قد ذكرناه، وقدمناه في أحكام عهدة الوكيل.

ولو اشترى المقارض شيئاً، واطلع منه على عيبٍ قديم، فالأولى عندنا بناءُ الأمر على تقسيمٍ، فنقول: إذا خرج المشترَى معيباً، لم يخل: إما أن تكون الغبطة في الرد وكان الإمساك ينافيها، أو كانت الغبطة في الإمساك مع ظهور العيب، فنذكر ما يتعلق بالقسمين ثم نذكر استواء الأمرين، في الرد والإمساك في جهة الغبطة.

فأما إذا كانت الغبطة في الرد، فللعامل أن ينفرد بالرد، فإذا كنا نجوز للوكيل الانفرادَ بالرد، فهذا في حق المقارض أولى؛ من جهة أن للمقارض غرضاً يخصه في تحصيل جهات الغبطة، والتوقِّي عن نقيضها، ثم يَنْفصل المقارضُ في هذا المقام عن الوكيل من حيث إن الموكل لو رضي بالعيب، لم يملك الوكيل الردَّ، ولو رضي المالك بالعيب، فللمقارض الردُّ، وليس من حصافة الرأي أن يقول القائل: إذا كان المبيع لا يتمحّض حقاً للعامل، فينبغي أن يملك ربُّ المال إلزامَ العقد في بعضه؛ فإن هذا في هذا المقام غيرُ مبني على أقْدار (٢) الحقوق، والنظر في التوزيع عليها. وقد


(١) ر. المختصر: ٣/ ٦٢.
(٢) في (ي)، (هـ ٣): "إفراز".