تقع هذه الواقعة، ولم يظهر بعدُ في المال ربحٌ، فالحكم على ما ذكرناه، فلسنا نُثبت للمقارض حقَّ الرد لملكٍ له في الرقبة ناجزٍ، حتى يقدَّرَ مع ملكه ملكٌ ونبني عليه ما قدرناه، ولكنَّ الحقَّ الذي أشرنا إليه أمرٌ يعم هذا المشتري في وجه الرأي من طريق التوقع، والأمور تنفصل في العاقبة.
ولو رضي هذا المقارض بما اشتراه، وأبى المالك، فلا ينصرف المشترَى إلى
جهةِ مال القراض. ومهما كانت الغبطة في الرد، فلا يتصور بقاء المبيع لجهة القراض
إلا بتراضيهما، وسنعود إلى ذلك في آخر هذا الفصل، إن شاء الله عز وجل.
٤٨٨١ - فأما إذا كانت الغبطة في الإمساك، وتصوير ذلك أن يشتري العامل عبداً يساوي -مع ما به من العيب- ألفاً بتسعمائة، فالغبطة في إمساكه، فلو أراد العامل أن يرد، لم يكن له ذلك؛ لأن تصرفه منوط بطلب الفوائد، وهو برده في هذا المقام مفوّتٌ حظّاً مالياً لا خفاء به. وكذلك لو أراد المالك الرد، لم يكن له ذلك، فالنظر إلى الغبطة من الجانبين.
وهذا الفصل لا يصفو عن شوائِب الإشكال، ما لم نذكر في هذا المنتهى حكمَ الوكيل، فنقول: إذا اشترى الوكيل لموكله عبداً بتسعمائة، ثم اطلع منه على عيبٍ، وكان يساوي العبد مع ذلك العيب ألفاً، فهل للوكيل -والحالة هذه- أن ينفرد برد العبد قبل مراجعة الموكل؟ اختلف أئمتنا في هذه المسألة: فذهب الأكثرون إلى أن للوكيل أن يرد، وإن كانت الغبطة في الإمساك، واعتقد هؤلاء الردَّ من حق الوكيل، وقالوا: لا سبيل إلى منعه منه، مادام هو متعرضاً لالتزامه وتطوّقه، كما صورناه في صدر الفصل، والإنسان له غرض في رد المعيب، وإن لم يتعلق به غرضٌ مالي؛ فإن من اشترى عبداً، واطّلع منه على عيبٍ قديم، وكان يساوي مع ذلك العيب أكثر من الثمن المسمى، فحق الرد ثابت إجماعاً، وإن لم يكن للراد غرضٌ مالي، فكذلك الوكيل إذا كان يتعرض لالتزام العيب، كما نبهنا عليه، فله أن يبتدره على خلاف الغبطة، فيردّه، هذا وجهٌ.
ومن أصحابنا من منع الوكيل من الرد في هذا المقام؛ فإن في الرد -لو ابتدره الوكيلُ- تخسيراً للموكِّل وإحباطَ جزءٍ من المالية عليه، وعيافةُ الوكيل عيبَ