للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولفظُ التمليك لا اختصاص له ببابٍ (١)، بل هو صالح لكل ما يثبت فيه الملك، والمنافع مملوكة بالإجارة.

وقال ابن سُريج: تصح الإجارةُ باستعمال لفظ البيع على الصيغة التي ذكرناها؛ فن البيع يتضمن تمليكَ الأعيان، والمنافعُ تملك بملك الأعيان، فلا يبعد استعمال لفظ البيع فيها، كما لا يبعد مساواةُ المنافع للأعيان في جريان الملك، وقد قال الشافعي: الإجاراتُ صنفٌ من البيوع.

٥٠٦٦ - ولو قال: أكريتك، أو قال: أجرتك منافع هذه الدار، كان اللفظ لاغياً؛ فإن وضع لفظ الإجارة على الإضافة إلى العين المنتفع بها، فإذا أضيف إلى المنافع، كان لاغياً في اللسان، غيرَ مفيد، ولا يضاف إلى المنافع إلا ما يقتضي التمليك في وضعه وصيغته، والإجارةُ ليست كذلك. وإنما أفادت الملكَ بالشيوع في الاستعمال، فلتستعمل على الوجه المعتاد.

٥٠٦٧ - وهذا أوان التنبيه على ما ذكرناه قبلُ من كلام القاضي: فقوله: الإجارة ترد على العين لاستيفاء المنفعة، يختص بلفظ الإجارة والإكراء؛ فإنهما لا يتضمنان تمليكاً، وما يتضمن تمليكاً يَضاف إلى المنفعة دون العين، فلو قال: ملكتك هذه الدارَ شهراً، وأراد الإجارة، لم يجز، وحُمل اللفظُ فيه (٢) على تمليكٍ مؤقت في العين، وهو فاسد. فإذا كان [يقع الكلام كلياً] (٣) في معقود الإجارة، فلا معنى للتعلق بصيغة لفظة من الألفاظ مختصة، وإنما يمتحن المعقود من الألفاظ الناصّة على الغرض كالتمليك، فلا جرم هو مضاف إلى المنافع، والإجارة تعمل عن جهة شيوعها في العادة، لا عَنْ معناها. فهذا ما أردنا التنبيهَ عليه.

٥٠٦٨ - فأما القول فيما تصح إجارته، وما لا تصح إجارته، فالأوْلى فيه التعرض


(١) هذا توجيهٌ للوجه المقابل للأظهر الذي فهم من الكلام، ولم يذكره صراحة، ولكنه سيأتي فيما نقلها عن ابن سريج.
(٢) (د ١): منه.
(٣) في الأصل: نفع الكلام كلّها.